صفحة جزء
( قال ) ، ولا يختلى حشيش الحرم ، ولا يقطع إلا الإذخر فإنه بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رخص فيه ، وإنما أراد به ما روي { أن العباس رضي الله عنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يختلى خلاها ، ولا يعضد شوكها قال إلا الإذخر يا رسول الله فإنها لقبورهم وبيوتهم ، أو لبيوتهم وقبورهم فقال صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر } ، وتأويل هذا أنه كان من قصده صلى الله عليه وسلم أن يستثنى إلا أن العباس سبقه لذلك أو كان أوحى أن يرخص فيما يستثنيه العباس رضي الله عنه وكما لا يرخص في قطع الحشيش في الحرم بالمنجل فكذلك لا يرخص في رعي الدواب في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لا بأس بالرعي لأن الذين يدخلون الحرم للحج أو العمرة يكونون على الدواب ، ولا يمكنهم منع الدواب من رعي الحشيش ففي ذلك من الحرج ما لا يخفى فيرخص فيه لدفع الحرج ، وعلى قول ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى لا بأس بأن يحتش ، ويرعى لأجل البلوى ، والضرورة فيه فإنه يشق على الناس حمل علف الدواب من خارج الحرم ، ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى استدلا بقوله [ ص: 105 ] صلى الله عليه وسلم { لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شوكها ، وفي الاحتشاش } ارتكاب النهي ، وكذلك في رعي الدواب لأن مشافر الدواب كالمناجل ، وإنما تعتبر البلوى فيما ليس فيه نص بخلافه فأما مع وجود النص لا معتبر به

التالي السابق


الخدمات العلمية