صفحة جزء
( قال ) ولا بأس بأخذ الكمأة في الحرم لأنه ليس من نبات الأرض بل هو مودع فيه ، وكذلك لا بأس بأخذ حجارة الحرم ، وقد نقل عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كرها ذلك ، ولكنا نأخذ بالعادة الجارية الظاهرة فيما بين الناس بإخراج القدور ، ونحوها من الحرم ، ولأن الانتفاع بالحجر في الحرم مباح ، وما يجوز الانتفاع به في الحرم يجوز إخراجه من الحرم أيضا ثم حرمة الحرم خاصة بمكة عندنا ، وليس للمدينة حرمة الحرم في حق الصيود ، والأشجار ونحوها ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى للمدينة حرمة الحرم حتى أن من قتل صيدا فيها فعليه الجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم إن { إبراهيم عليه الصلاة والسلام حرم مكة ، وأنا أحرم ما بين لابتيها يعني المدينة ، وقال من رأيتموه يصطاد في المدينة فخذوا ثيابه } ، وحجتنا في ذلك ما روي { أن رسول الله أعطى بعض الصبيان بالمدينة طائرا فطار من يديه فجعل يتأسف على ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أبا عمير ما فعل النغير } اسم ذلك الطير ، وهو طير صغير مثل العصفور ، ولو كان للصيد في المدينة حرمة الحرم لما ناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا ، ولأن هذه بقعة يجوز دخولها بغير إحرام فتكون قياس سائر البلدان بخلاف الحرم فإنه ليس لأحد أن يدخلها إلا محرما

التالي السابق


الخدمات العلمية