صفحة جزء
( قال : ) ولو وجدته مجبوبا خيرها القاضي في الحال ; لأن التأجيل في العنين لرجاء الوصول ، وذلك في المجبوب لا يوجد فالمقطوع من الآلة لا ينبت فلهذا فرق بينهما في الحال ، وإن كان قد خلا بها فلها المهر كاملا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولها نصف المهر في قولهما ; لأن التيقن بعدم الوصول إليها موجود هنا ، وعذر الجب في الزوج أبين من عذر المرض ، فإذا كان مرضه يمنع صحة الخلوة فكونه مجبوبا أولى ، بخلاف العنين ، فإن ذلك باطن لا يتوقف على حقيقته ، وهذا ظاهر يشاهد فيجب اعتباره في الحكم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هي أتت بالتسليم المستحق عليها بالعقد وحقها في البدل يتقرر بذلك ، وهذا لأن العقد ما انعقد لاستحقاق المجامعة به ، فإنه لا كون له ، وإنما انعقد لما وراء ذلك وقد أتت به فيتقرر حقها ثم يجب عليها العدة ، أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يشكل ; لأنه قد تقرر جميع المهر ، وأما عندهما تجب العدة استحسانا وأشار في كتاب الطلاق إلا أنه لا تجب العدة عندهما ، وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع ، فحيث قال : لا تجب العدة أراد في مجبوب قد جف ماؤه فيكون هذا [ ص: 104 ] بمنزلة الصبي لا تعتبر خلوته في إيجاب العدة ، وحيث قال : تجب العدة أراد في مجبوب له ماء يسحق فينزل فتجب العدة احتياطا ، وإن لم يكن دخل بها أو خلا بها فلها نصف المهر ولا عدة عليها ، ثم بعد ما فرق القاضي بينهما في الموضع الذي وجبت عليها العدة إذا جاءت بولد إلى سنتين يثبت النسب منه ، ولا تبطل تلك الفرقة ; لأن ثبوت النسب باعتبار الإنزال بالسحق ، وذلك غير مبطل حقها ، بخلاف العنين إذا فرق القاضي بينهما وهو يدعي الوصول إليها ثم جاءت بولد لأقل من سنتين يثبت النسب ويبطل التفريق ; لأنا حين حكمنا بثبوت النسب فقد حكمنا بوصوله إليها ، وكذلك لو شهد شاهدان بعد التفريق على إقرارها بالوصول إليها قبل التفريق بطل تفريق القاضي بينهما ، كما لو عرف القاضي إقرارها في ذلك الوقت ، بخلاف ما إذا أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها ، فإن قولها في إبطال التفريق ورفع الطلاق الواقع غير مقبول لكونها متهمة في ذلك ، والخصي بمنزلة العنين ; لأن رجاء الوصول في حقه موجود لبقاء الآلة ، ولو تزوجت واحدا من هؤلاء وهي تعلم بحاله ، فلا خيار لها فيه لأنها صارت راضية به حين أقدمت على العقد مع علمها بحاله ، ولو رضيت به بعد العقد بأن قالت : رضيت سقط خيارها فكذلك إذا كانت عالمة به ، ولا فرق في قولها رضيت بالمقام معه بين أن يكون عند السلطان أو غيره ; لأنه إسقاط لحقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية