صفحة جزء
باب النفقة في الطلاق والفرقة والزوجية

( قال : ) ولكل مطلقة بثلاث أو واحدة السكنى والنفقة ما دامت في العدة ، أما المطلقة الرجعية ; فلأنها في بيته منكوحة له كما كانت من قبل وإنما أشرف النكاح على الزوال عند انقضاء العدة وذلك غير مسقط للنفقة كما لو آلى منها ، أو علق طلاقها بمضي شهر فأما المبتوتة فلها النفقة والسكنى ما دامت في العدة عندنا . وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى لها السكنى ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا وعلى قول ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى لا نفقة للمبتوتة في العدة واستدلوا بحديث { فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها قالت طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى } إلا أن في صحة هذا الحديث كلاما ; فإنه روي أن زوج فاطمة أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه كان إذا سمع منها هذا الحديث رماها بكل شيء في يده . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت تلك المرأة فتنت العالم ، أي بروايتها هذا الحديث . وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه " لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبيا صلى الله عليه وسلم بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت حفظت أم نسيت . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : للمطلقة الثلاث النفقة والسكنى ما دامت في العدة " وتأويله إن ثبت من وجهين : ( أحدهما ) أن زوجها كان غائبا فإنه خرج إلى اليمن ووكل أخاه بأن ينفق [ ص: 202 ] عليها خبز الشعير فأبت هي ذلك ولم يكن الزوج حاضرا ليقضي عليه بشيء آخر . ( والثاني ) أنها كانت بذيئة اللسان على ما روي أنها كانت تؤذي أحماء زوجها حتى أخرجوها . فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، رضي الله تعالى عنه فظنت أنه لم يجعل لها نفقة ولا سكنى ، ثم لا خلاف في استحقاقها السكنى ; فإنه منصوص عليه بقوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن } الآية وقال تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم } فعلماؤنا قالوا : النفقة والسكنى كل واحد منهما حق مالي مستحق لها بالنكاح ، وهذه العدة حق من حقوق النكاح فكما يبقى باعتبار هذا الحق ما كان لها من استحقاق السكنى ، فكذلك النفقة وباستحقاق السكنى يتبين بقاء ملك اليد للزوج عليها ما دامت في العدة وكما يثبت استحقاق النفقة بسبب ملك اليمين يثبت بسبب ملك اليد .

ألا ترى أن نفقة رقيق المكاتب عليه في كسبه لماله فيه من ملك اليد ، ولا يدخل عليه نفقة المرهون فإنه لا يكون على المرتهن مع ملك اليد ; لأن ملك اليد للمرتهن في المالية دون العين فإن يده يد الاستيفاء وذلك في المالية دون العين

التالي السابق


الخدمات العلمية