صفحة جزء
( قال ) : رجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ، فهي طالق ثنتين ; لأن الكلام المقيد بالاستثناء يكون عبارة عما وراء المستثنى ، قال الله تعالى { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } معناه تسعمائة وخمسين عاما وما وراء المستثنى هنا ثنتان ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين فهي واحدة إلا على قول الفراء رحمه الله تعالى فإنه يقول : استثناء الأكثر لا يصح ; لأنه لم تتكلم به العرب ولكنا نقول طريق الاستثناء ما قلنا وهو أن يكون عبارة عما وراء المستثنى فشرط صحته أن يبقى وراء المستثنى شيء حتى يجعل كلامه عبارة عنه ، وفي هذا لا فرق بين الأقل والأكثر وعلى قول بعض أهل النحو [ ص: 92 ] رحمهم الله تعالى الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لكان الكلام متناولا له فيكون بمنزلة دليل الخصوص في العموم وفي ذلك لا فرق بين الأقل والأكثر ، وبأن لم تتكلم به العرب لا يمنع صحته إذا كان موافقا لمذهبهم كاستثناء الكسور ولم يذكر في الكتاب ما إذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة كم يقع وقيل على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى : تطلق اثنتين ; لأن التطليقة كما لا تتجزأ في الإيقاع لا تتجزأ في الاستثناء فكأنه قال : إلا واحدة وعند محمد رحمه الله تعالى تطلق ثلاثا : لأن في الإيقاع إنما لا يتجزأ لمعنى في الموقع وذلك لا يوجد في الاستثناء فيتجزأ فيه وإذا كان المستثنى نصف تطليقة ، صار كلامه عبارة عن تطليقتين ونصف فيكون ثلاثا .

التالي السابق


الخدمات العلمية