صفحة جزء
قال ( وكل شيء من الأرض تيمم به من تراب أو جص أو نورة أو زرنيخ فهو جائز ) في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكان أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول أولا لا يجوز التيمم إلا بالتراب والرمل ثم رجع فقال : لا يجزئه إلا بالتراب الخالص وهو قول الشافعي رضي الله تعالى عنه واحتج بقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه : الصعيد هو التراب الخالص وقال صلى الله عليه وسلم { التراب طهور المسلم والجص والنورة ليسا بتراب } فلا يجوز التيمم بهما وما سوى التراب مع التراب بمنزلة سائر المائعات مع الماء في الوضوء فكما يختص الوضوء بالماء دون سائر المائعات فكذلك التيمم وفيه إظهار كرامة الآدمي فإنه مخلوق من التراب والماء فخصا بكونهما طهورا لهذا . وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى استدلا بالآية فإن الصعيد هو الأرض قال صلى الله عليه وسلم { يحشر العلماء في صعيد واحد كأنها سبيكة فضة فيقول الله تعالى يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم إني لم أضع حكمتي فيكم وأنا أريد أن أعذبكم انطلقوا مغفورا } لكم فدل أن الصعيد هو الأرض وقال صلى الله عليه وسلم { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } ثم ما سوى التراب من الأرض أسوة التراب في كونه مكان الصلاة فكذلك في كونه طهورا [ ص: 109 ] وبين أن الله يسر عليه وعلى أمته وقد تدركه الصلاة في غير موضع التراب كما تدركه في موضع التراب فيجوز التيمم بالكل تيسيرا ثم حاصل المذهب أن ما كان من جنس الأرض فالتيمم به جائز ، وما لا فلا حتى لا يجوز التيمم بالذهب والفضة ; لأنهما جوهران مودعان في الأرض ليس من جنسه حتى يذوب بالذوب وكذلك الرماد من الحطب ; لأنه ليس من جنس الأرض هكذا ذكر الشيخ الإمام السرخسي وغيره من مشايخنا . رحمهم الله

التالي السابق


الخدمات العلمية