صفحة جزء
( قال ) : ولو قال : أنت طالق الساعة إن كان في علم الله تعالى أن فلانا يقدم إلى شهر فقدم فلان لتمام الشهر طلقت بعد القدوم ، وهو دليل لهما على أبي حنيفة رحمه الله تعالى ; لأن علم الله تعالى محيط بالأشياء كلها كما أن الموت كائن لا محالة ، ولكنا نقول : معنى هذا الكلام إن قدم فلان إلى شهر ; لأن علم الله تعالى لا طريق للحالف إلى معرفته ، وإنما تنبني الأحكام على ما يكون لنا طريق إلى معرفته فكأنه قال : إن قدم فلان إلى شهر فلهذا [ ص: 121 ] تأخر الوقوع إلى القدوم .

ولو قال لامرأتيه : أطولكما حياة طالق الساعة لم يقع الطلاق حتى تموت إحداهما ; لأن المراد طول الحياة في المستقبل لا في الماضي حتى إذا كانت إحداهما بنت عشر سنين ، والأخرى بنت ستين سنة لم تطلق العجوز فعرفنا أن طول الحياة في المستقبل مراد وذلك غير معلوم ; لجواز أن يموتا معا ، فإن ماتت إحداهما طلقت الأخرى في الحال عندنا ، وعند زفر رحمه الله تعالى طلقت من حين تكلم الزوج ; لأنه تبين أنها كانت أطولهما حياة ، وأن الزوج علق الطلاق بشرط موجود ، ولكنا نقول : معنى كلام الزوج التي تبقى منكما بعد موت الأخرى طالق ، وذلك غير معلوم قبل موت إحداهما بل هو على خطر الوجود ; لجواز أن يموتا معا فلهذا انتصب شرطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية