صفحة جزء
وكذلك لو قال كل جارية أتسرى بها فهي حرة فاشترى جارية بعد يمينه وتسراها لم تعتق ، ولو تسرى جارية كانت مملوكة له وقت يمينه عتقت ; لأن الإيجاب في حقها يصح لوجود الملك في المحل وقت الإيجاب بمنزلة قوله كل جارية أملكها فهي حرة ثم تسرى فالشرط عند أبي حنيفة ، ومحمد - رحمهما الله تعالى - أن يبوئها بيتا ، ويحصنها ، ويجامعها ، وطلب الولد ليس بشرط ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يكون تسريا إلا بطلب الولد مع هذا للعادة الظاهرة أن الناس يطلبون الأولاد من السراري ، وفي الأيمان يعتبر العرف ، وهما يقولان : ليس في لفظه ما يدل على طلب الولد ; لأن التسري إما أن يكون مأخوذا من التسرر كالتقضي وذلك الإخفاء ، أو يكون مأخوذا من السرار ، ومعناه التحصين والمنع من الخروج ، أو يكون مأخوذا من السر الذي هو الجماع كما قال تعالى : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) فإذا لم يكن فيها ما ينبئ عن طلب الولد لا يشترط فيه ذلك من غير لفظ ، وكيف يشترط ذلك وبحصول الولد تخرج [ ص: 102 ] من أن تكون سرية ; لأنها تصير أم ولد له فطلبه يخرجه حقيقة من أن تكون سرية فلا يمكن أن يجعل شرطا لتحقيق التسري ، ولو وطئ جارية فعلقت منه لم تعتق ; لأن التسري بالتحصين ، والمنع من الخروج ، ولم يوجد .

التالي السابق


الخدمات العلمية