صفحة جزء
وإن كان العبد بين خمسة رهط فأعتق أحدهم ، ودبر الآخر ، وكاتب الثالث نصيبه ، وباع الرابع نصيبه ، وقبض الثمن وتزوج الخامس على نصيبه ، ولم يعلم أيهم أول فنقول : [ ص: 115 ] أما على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فحكم العتق ، والتدبير على ما بينا في الفصل الأول إلا أن التضمين ، والاستسعاء هناك في الثلث ، وهنا في الخمس ; لأن نصيب المدبر الخمس هنا فأما في البيع فإن تصادقا أنه كان بعد العتق ، والتدبير ، أو قال البائع كان قبل العتق ، والعبد في يده ، وقال المشتري كان بعده فالبيع باطل ; لأن معتق البعض لا يباع فالمبطل للبيع ظاهر في الحال ، أو يجعل كأنهما وقعا معا فكان البيع باطلا ، وإن تصادقا أنه كان قبل العتق والتدبير فالمشتري بالخيار إن شاء نقض البيع لتغير المبيع في ضمان البائع ، وإن شاء أمضاه وأعتق نصيبه ، واستسعاه فيكون ولاؤه له ، وإن شاء ضمن المعتق والمدبر قيمة نصيبه إن كانا موسرين إذا ليس أحدهما بوجوب الضمان عليه بأولى من الآخر ، ويرجعان به على العبد ، وأما المرأة فإن تصادقا أن التزويج كان بعد العتق ، أو التدبير فالنكاح صحيح ، ولها خمس قيمته على الزوج ; لأنه تبين أنه تزوجها على من هو كالمكاتب ، وإن تصادقا على أن التزويج كان قبل العتق والتدبير فلها الخيار للتغير إن شاءت تركت المسمى ، وضمنت الزوج خمس قيمته ، وإن شاءت أجازت ، وأعتقت ، واستسعت العبد في خمس قيمته ، وولاء خمسه لها وإن شاءت ضمنت المعتق والمدبر خمس قيمته نصفين ثم لا تتصدق هي بالزيادة إن كانت بخلاف المشتري ; لأن المشتري إنما حصل له ذلك بمال فيتصدق بربح حصل لا على ضمانه ، والمرأة تملكت ذلك لا بأداء مال لا يظهر الربح في حقها .

فأما نصيب المكاتب فهو على ما ذكرنا إن أدى البدل إليه عتق من قبله وإن عجز كان له أن يضمن المدبر ، والمعتق قيمة نصيبه نصفين إن كانا موسرين ، وأما عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - فالجواب في العتق ، والتدبير على ما قلنا ، فأما البيع فإن تصادقا أنه كان البيع أولا ثم العتق ثم التدبير فللمشتري الخيار ، وإذا اختار إمضاء البيع ضمن المعتق خمس قيمته إذا كان موسرا ليس له إلا ذلك ، وإن تصادقا أنه كان البيع ثم التدبير ثم العتق واختار المشتري الإمضاء للتدبير ضمن المدبر خمس قيمته موسرا كان ، أو معسرا ليس له إلا ذلك ، وأما التزويج فإن تصادقا أنه كان التزويج ثم العتق ثم التدبير فاختارت الإجازة ضمنت المعتق خمس القيمة ليس لها إلا ذلك إذا كان موسرا ، وإن كان معسرا استسعت الغلام في خمس القيمة ، وإن كان التزويج ثم التدبير ثم العتق ضمنت المدبر خمس قيمته موسرا كان ، أو معسرا ليس لها إلا ذلك ، وإن تصادقا أن التزويج كان بعد العتق فعند أبي يوسف رحمه الله تعالى ترجع على الزوج بخمس القيمة ، وعند محمد [ ص: 116 ] رحمه الله تعالى لها مهر مثلها ; لأنه ظهر أنه تزوجها على حر ، وقد بينا في كتاب النكاح اختلافهما فيما إذا تزوجها على عبد فإذا هو حر .

فأما الكتابة فهو باطل عندهما كما بينا ، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى للمكاتب أن يضمن المعتق قيمة نصيبه إذا كان معسرا ، وعند محمد رحمه الله تعالى يضمنه الأقل من قيمة نصيبه ومن بدل الكتابة على القياس ما يأتي بعد هذا من اختلافهم في المكاتب بين اثنين يعتقه أحدهما ، ولو كان في العبد شريك سادس ، وهب نصيبه لابن له صغير لا يعلم قبل العتق كان ، أو بعده فالقول فيه قول الأب ; لأنه هو المملك فإن قال : الهبة بعد العتق فهو باطل ، وإن قال : الهبة قبل العتق فالهبة جائزة ، ثم يقوم الأب في نصيب الابن مقام الابن إن لو كان بالغا في التضمين ، أو الاستسعاء وليس له حق الإعتاق فإن كان المعتق ، والمدبر موسرين ضمنهما سدس قيمته للابن ; لأن الاستسعاء بمنزلة الكتابة وللأب ولاية الكتابة في مال ولده .

التالي السابق


الخدمات العلمية