صفحة جزء
وإذا كان العبد بين رجلين فقال أحدهما : إن لم أضربه اليوم فهو حر ، وقال الآخر : إن ضربته سوطا فهو حر فضربه سوطين ثم مات منهما ففي المسألة حكمان حكم العتق ، وحكم الجناية أما حكم العتق أنه يعتق نصيب الذي لم يضربه لوجود شرط حنثه حين ضربه سوطا ، وإن كان موسرا فللضارب الخيار بين أن يضمنه نصف قيمته مضروبا سوطا وبين أن يستسعى العبد في ذلك ; لأنه إنما صار معتقا له ، وهو منقوص بضرب السوط الأول ، وقد بينا أن إيجاد الشرط [ ص: 121 ] من الضارب لا يسقط حقه في الضمان فلهذا كان له أن يضمنه نصف قيمته مضروبا سوطا ، وأما حكم الجناية فإن الضارب يضمن نصف ما نقصه السوط الأول لشريكه في ماله ; لأن جنايته بضرب السوط الأول لاقى ملكا مشتركا بينهما ثم قد انقطعت سراية هذه الجناية بالعتق بعدها ، والجناية على المماليك فيما دون النفس لا تعقله العاقلة فلهذا يضمن له نصف النقصان بالسوط الأول في ماله ثم يضمن ما نقصه السوط الآخر كله ; لأنه صار بمنزلة المكاتب ; حين أعتق نصيبه ، وجنايته على مكاتبه ، وعلى مكاتب غيره موجبة للضمان عليه ويضمن نصف قيمته بعد السوطين ; لأنه مات من السوطين جميعا وأحدهما صار هدرا ، والآخر معتبر فيضمن نصف قيمته مضروبا سوطين ، ويجمع ذلك مع نقصان السوط الثاني فيكون على العاقلة ; لأن الجناية الثانية صارت نفسا فما يجب باعتبارها يكون على العاقلة وهذا تركة العبد يستوفي منه الشريك ما ضمن ; لأنه كان له حق الرجوع على العبد بما ضمن لشريكه فيرجع في تركته بعد موته ، وما بقي بعده فهو ميراث للمعتق ; لأن الولاء قد صار له في الكل .

وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - : لا يغرم نقصان السوط الثاني ; لأنه بعتق البعض عتق كله ، والنقصان غير معتبر في الجناية على الأحرار ، ولكن يجب نصف ديته على عاقلته فإن كان له وارث فهو لوارثه ، وإلا فهو للمعتق ، ولا يرجع فيه بشيء مما ضمن لشريكه ، وإن كان المعتق معسرا فإن الشريك الذي لم يعتق لم يرجع بما غرمه من نقصان السوط الآخر ، ومن نصف قيمته مضروبا بسوطين بل بنصف قيمة العبد ; لأنه كان له حق استسعاء العبد في ذلك فيستوفيه من تركته ، وما بقي فهو بين الشريك ، والمعتق ، وبين أقرب الناس إلى الضارب من العصبة .

لأن الولاء بينهما ، ولكن الضارب قاتل فيكون محروما عن الميراث ، ويجعل كالميت فيقوم أقرب عصبة مقامه في ذلك وعندهما الواجب نصف الدية يستوفي منه الضارب نصف القيمة ، وهو السعاية ، وما بقي فهو كله للمعتق ; لأن الولاء في الكل له عندهما

التالي السابق


الخدمات العلمية