صفحة جزء
( قال ) ولو قال كل مملوك أملكه فيما استقبل أو إلى خمسين سنة فهو حر فعتق ثم ملك مملوكا لم يعتق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يعتق ; لأن له في المستقبل نوعي ملك : ملك لا يقبل العتق وهو حال قيام الكتابة ، وملك يقبل العتق وهو ما بعد عتقه فينصرف مطلق لفظه إليهما ويصير كالمنجز عند وجود حقيقة الملك كما في المسألة الأولى وقاسا هذا بالحر إذا قال كل مملوك أشتريه فهو حر فإنه يتناول ما يشتريه لنفسه لا ما يشتريه لغيره حتى يعتق ما يشتريه لنفسه وأبو حنيفة رحمه الله يقول ملكه في حال قيام الكتابة ملك مجاز وبعد العتق حقيقة ولا يراد باللفظ الواحد الحقيقة والمجاز جميعا ; لأن المجاز مستعار والحقيقة غير مستعارة ، وكما لا يتصور أن يكون الثوب الواحد على إنسان ملكا وعارية في حالة واحدة فكذلك لا يتصور الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد والمجاز هنا مراد بالاتفاق ، حتى لو قال إذا ملكت مملوكا فيما استقبل فملك في حال قيام الكتابة ينحل يمينه به [ ص: 185 ] فإذا صار المجاز في مراد تنحى الحقيقة .

وهذا المجاز مستعمل ورد الشرع به في قوله من باع عبدا وله مال ، وهذا بخلاف الشراء فإن الشراء للغير ليس بمجاز بل هو حقيقة كالشراء لنفسه فيما يرجع إلى أحكام العقد ولأن الإعتاق يستدعي أهلية المعتق والمحلية في المعتق ، ثم لو انعدمت المحلية لم يصح الإيجاب إلا مضافا إلى الملك أو سببه فكذلك إذا انعدمت الأهلية في الحال لا يصح الإيجاب إلا مضافا إلى حالة الأهلية صريحا وهو ما بعد العتق فإذا لم يوجد ذلك في الفصل الثاني لم يكن كلامه إيجابا للعتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية