صفحة جزء
باب عتق الرجل عبده من غيره ( قال ) : ذكر في الأصل حديث هشام بن عروة عن أبيه { عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة أتتها تسألها في مكاتبتها . فقالت لها : أشتريك فأعتقك وأوفي عنك أهلك ، فذكرت ذلك لهم فقالوا : إلا أن نشترط الولاء لنا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشتريها وأعتقيها ، فإنما الولاء لمن أعتق ، فاشترتها فأعتقتها وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا ، فقال : ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل . كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق . ما بال أقوام يقولون : اعتق يا فلان والولاء لي ، إنما الولاء لمن أعتق } ، ثم قال : هذا وهم من هشام بن عروة ، ولا يأمر [ ص: 99 ] النبي صلى الله عليه وسلم بباطل ولا بغرور ، وهو شاذ من الحديث ، لا يكاد يصح إنما القدر الذي صح ما ذكره إبراهيم رحمه الله تعالى لما ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : { الولاء لمن أعتق } وهو بيان للحكم الذي بعث لأجله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما ما زاد عليه هشام فهو وهم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأمر بالعقد الفاسد ، والشراء بهذا الشرط فاسد . واستدل بحديث الزهري أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه اشترى من امرأته الثقفية جارية ، وشرط لها أنها لها بالثمن إذا استغنى عنها فسأل عمر رضي الله عنه عن ذلك فقال : أكره أن أطأها ولا حد فيها شرط فكان عمر رضي الله عنه أوثق وأعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره .

وفي البيع مع الشرط اختلاف بين العلماء نذكره في كتاب البيوع ، وفائدة هذا الحديث أن بيع المكاتبة برضاها يجوز ، وأن الولاء يثبت لمن حصل العتق على ملكه لا لمن شرط لنفسه بدون ملك المحل ، فإنه قال : الولاء لمن أعتق ; ولأجله روي الحديث في هذا الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية