صفحة جزء
قال ( والتنوير بصلاة الفجر أفضل من التغليس بها عندنا ) وقال الشافعي التغليس بها أفضل وذكر الطحاوي إن كان من عزمه تطويل القراءة فالأفضل أن يبدأ بالتغليس ويختم بالإسفار وإن لم يكن من عزمه تطويل القراءة فالإسفار أفضل من التغليس

، واستدل الشافعي بحديث { عائشة رضي الله عنها قالت كن النساء ينصرفن من الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من شدة الغلس } وقال أنس [ ص: 146 ] رضي الله عنه { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر ولا يعرف أحدنا من إلى جنبه من شدة الغلس } ولأن في هذا إظهار المسارعة في أداء العبادة وهو مندوب إليه لقوله تعالى { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } .

( ولنا ) حديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر } وحديث الصديق عن بلال رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { نوروا بالفجر أو قال أصبحوا بالصبح يبارك لكم } ولأن في الإسفار تكثير الجماعة وفي التغليس تقليلها ، وما يؤدي إلى تكثير الجماعة فهو أفضل ولأن المكث في مكان الصلاة حتى تطلع الشمس مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم { من صلى الفجر ومكث حتى تطلع الشمس فكأنما أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل } وإذا أسفر بها تمكن من إحراز هذه الفضيلة وعند التغليس قلما يتمكن منها .

فأما حديث عائشة رضي الله عنها فالصحيح من الروايات إسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر { قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قبل ميقاتها إلا صلاة الفجر صبيحة الجمعة فإنه صلاها يومئذ بغلس } فدل أن المعهود إسفاره بها ، فإن ثبت التغليس في وقت فلعذر الخروج إلى سفر أو كان ذلك حين يحضر النساء الصلاة بالجماعة ثم انتسخ ذلك حين أمرن بالقرار في البيوت

التالي السابق


الخدمات العلمية