صفحة جزء
باب الدخول ( قال ) رضي الله عنه : وإذا حلف لا يدخل بيتا لفلان ، ولم يسم بيتا بعينه ، ولم يكن له نية فدخل بيتا هو فيه ساكن بأجر أو عارية ، فهو حانث عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى : لا يحنث ; لأن الإضافة إلى فلان بالملك حقيقة وبالسكنى مجاز ، فلا تجتمع الحقيقة والمجاز في لفظ واحد ، والحقيقة مرادة بالاتفاق ، فيتنحى المجاز ، واللام في قوله لفلان دليل الملك أيضا . ( وحجتنا ) في ذلك أنه عقد يمينه على الإضافة إلى فلان ، وما يسكنه فلان عارية أو إجارة مضاف إليه بمنزلة ما يسكنه بالملك ، ألا ترى أنك تقول : بيت فلان ومنزل فلان ، وإن كان نازلا فيه بأجر أو عارية ، فكذلك مع حرف اللام { ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام حين قال لرافع بن خديج : لمن هذا الحائط ؟ فقال : لي استأجرته } ، لم ينكر عليه إضافته إلى نفسه بحرف اللام ، ولا يقول : إنه إذا دخل بيتا هو ملك فلان أنه يحنث بحقيقة الإضافة بالملك لوجود الإضافة بالسكنى [ ص: 169 ] وحاصل هذا الكلام أنه يحنث باعتبار عموم المجاز ، وفي ذلك الملك والمستعار سواء ، كمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها حافيا أو متنعلا أو راكبا ، يحنث باعتبار عموم المجاز ، وهو الدخول دون حقيقة وضع القدم ، ( فإن قيل ) : كيف يكون للمجاز عموم ، والمصير إليه بطريق الضرورة ؟ ( قلنا ) : العموم للحقيقة ليس باعتبار أنه حقيقة ، بل بدليل ذلك الدليل بعينه موجود في المجاز ; وهذا لأن المجاز كالمستعار ، ويحصل بلبس الثوب المستعار دفع الحر والبرد ، كما يحصل بلبس الثوب المملوك ، ولا يقال : بأن المجاز يصار إليه للضرورة بل هو أحد قسمي الكلام ، ألا ترى أن في كتاب الله تعالى مجازا وحقيقة ، والله تعالى يتعالى أن تلحقه الضرورة ، فعرفنا أن العموم يعتبر في المجاز ، كما في الحقيقة ، وعلى هذا روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه إذا حلف لا يدخل بيتا لفلان ، فدخل بيتا أجره فلان من غيره ، لم يحنث ; لأنه مضاف إلى المستأجر بالسكنى دون الآجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية