صفحة جزء
ولو حلف لا يأكل إداما ولا نية له ، فالإدام الخل والزيت واللبن والزبد وأشباه ذلك مما يصطبغ الخبز به ، ويختلط [ ص: 177 ] به فأما الجبن والسمك والبيض واللحم ، فإنه ليس بإدام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وهو الظاهر في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وعلى قول محمد رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي ، وروى هشام عنه أن الجوز اليابس إدام كالجبن . وجه قول محمد رحمه الله تعالى أن الإدام ما يؤكل مع الخبز غالبا فإنه مشتق من المؤادمة ، وهو الموافقة { قال صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما } ، أي يوفق فيما يؤكل مع الخبز غالبا ، فهو موافق له فيكون إداما ، وقال صلى الله عليه وسلم { سيد إدام أهل الجنة اللحم ، وأخذ لقمة بيمينه وتمرة بشماله ، وقال : هذه إدام هذه } ، فعرفنا أن ما يوافق الخبز في الأكل ، فهو إدام ، إلا أنا خصصنا ما يؤكل غالبا وحده كالبطيخ والتمر والعنب ; لأن الإدام تبع فما يؤكل وحده غالبا لا يكون تبعا ، فأما الجبن والبيض واللحم لا يؤكل وحده غالبا فكان إداما ، ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال : الإدام تبع ولكن حقيقة التبعية فيما يختلط بالخبز ، ولا يحتاج إلى أن يحمل معه كالخل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : نعم الإدام الخل } ، فما يصطبغ به فهو بهذه الصفة ، فأما اللحم والجبن والبيض يحمل مع الخبز فلا يكون إداما ، وإن كان قد يؤكل معه كالعنب ، توضيحه : أن الإدام ما لا يتأتى أكله وحده كالملح ، فإنه إدام ، والخل واللبن لا يتأتى فيه الأكل وحده ; لأن ذلك يكون شرابا لا أكلا فعرفنا أنه إدام ، فأما اللحم والجبن والبيض يتأتى الأكل فيها وحدها ، فلم تكن إداما إلا أن ينوي ذلك فتعمل نيته لما فيه من التشديد عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية