صفحة جزء
وإذا حلف لا يأكل بسرا ، فأكل بسرا مذنبا حنث ، وكذلك لو حلف لا يأكل رطبا ، فأكل رطبا فيه بعض البسر ، فهو حانث ; لأنه أكل المحلوف عليه حقيقة وعرفا ، ولو حلف لا يأكل رطبا ، فأكل بسرا مذنبا ، حنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولم يحنث في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وكذلك لو حلف لا يأكل بسرا ، فأكل رطبا ، وفيه شيء من البسر ، فهو على الخلاف وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول : المذنب لا يسمى رطبا ، وإنما يسمى بسرا حتى يحنث بأكله ، لو كانت يمينه على البسر ، فكيف يكون رطبا وبسرا في حالة واحدة ؟ وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا : الجانب الذي أرطب منه رطب ، ألا ترى أنه لو ميز ذلك ، وأكله وحده حنث في يمينه ، فكذلك إذا أكله مع غيره ، ولهذا يحنث لو كانت يمينه على أكل البسر ; لأن أحد الجانبين منه بسر ، وهذا ينبني على الأصل الذي بينا ، فإن الرطب والبسر جنس واحد ، ومن أصل أبي يوسف رحمه الله تعالى أن المغلوب مستهلك بالغالب ، وإن كان الجنس واحدا ، فأما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى في الجنس الواحد لا يكون الأقل مستهلكا بالأكثر ، فيعتبر كل واحد منهما على حدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية