صفحة جزء
وإذا حلف بالله ماله مال وله دين على مفلس أو على ملي وليس له غيره لم يحنث ; لأن الدين ليس بمال حقيقة فالمال ما يتمول ، وتمول ما في الذمة لا يتحقق ، والمال ما يتوصل به إلى قضاء الحوائج ، وما في الذمة باعتبار عينه غير صالح لذلك بل باعتبار مآله وهو بالقبض ، والمقبوض عين ، وكذلك إن كان رجل قد غصبه مالا فاستهلكه وأقر به أو جحده وهو قائم بعينه لم يحنث أما إذا استهلكه فقد صار دينا في ذمته ، وأما إذا كان قائما بعينه إذا كان جاحدا له فهو تاو في حق الحالف ، ألا ترى أنه لا يلزمه الزكاة باعتباره ولا يحرم عليه الصدقة باعتباره ؟ والتاوي لا يمكن تموله فلا يعد ذلك مالا له .

ولو كانت له وديعة عند إنسان حنث ; لأن الوديعة عين ماله ويد مودعه كيده ، ألا ترى أنه يتمكن من استردادها متى شاء ، وأنه تنفذ تصرفاته فيها مطلقا ؟ ولم يذكر المغصوب إذا كان قائما بعينه والغاصب مقر به قيل هنا : يحنث ; لأنه متمكن من استردادها بقوة السلطان ، لما كان الغاصب مقرا به وتصرفه فيه ينفذ فهو كالوديعة وقيل : لا يحنث ; لأن الغاصب إذا كان قاهرا فالظاهر [ ص: 15 ] أنه لا يتمكن من الاسترداد عنه .

وإن كان مقرا وفي العرف إذا صودر رجل يقال له قد افتقر ولم يبق له مال .

وإن كان من صادره مقرا وفي باب الأيمان العرف معتبر .

وإن كانت عنده فضة أو ذهب قليل أو كثير حنث ; لأن النقد مال على كل حال ، ألا ترى أن زكاة المال تجب في النقود باعتبار العين ؟ إلا أن اعتبار النصاب هناك لإثبات صفة الغنى للمالك بها ، أما هنا اسم المال يتناول القليل والكثير ، وكذلك مال التجارة والسائمة كان ذلك مالا حقيقة وشرعا حتى تجب الزكاة فيها .

وإن نوى الفضة والذهب خاصة لم يدن في القضاء ; لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام .

وإن كان له عروض أو حيوان غير السائمة لم يحنث وفي القياس يحنث ; لأن ذلك مال ، ألا ترى أن الوصية تتناول ذلك كله ؟ ولكنه استحسن فقال : ليس ذلك بمال شرعا وعرفا حتى لا تجب الزكاة فيها ولا يعد صاحبها متمولا بها والأيمان مبنية على العرف والعادة .

وإن لم يكن له مال وكان له عبد له مال لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويحنث في قول محمد رحمه الله تعالى وهذا ومسألة الدابة سواء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .

التالي السابق


الخدمات العلمية