صفحة جزء
( قال ) وإذا أقر الرجل أربع مرات أنه زنى بفلانة ، وقالت كذب ما زنى بي ، ولا أعرفه لم يحد الرجل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يحد لحديث سهل بن سعد { أن رجلا أقر بالزنا بامرأة وأنكرت فحده رسول الله } ، ولأن الزنا [ ص: 99 ] فعلان من الزانيين وفعل كل واحد منهما يظهر بإقراره موجبا للحد عليه فإنكارها لا يؤثر في إقراره ، وأكثر ما فيه أنه يمتنع بإنكارها ظهور الزنا في حقها ، وذلك لا يمنع وجوب الحد على الرجل ، كما لو كانت حاضرة ساكتة أو غائبة ، وكما لو قالت : زنى بي مستكرهة يجب الحد عليه وإن لم يجب عليها وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : فعل الزنا من الرجل لا يتصور بدون المحل وبإنكارها قد انتفى في جانبها فينتفي في جانبه أيضا ، ألا ترى أنه لو انتفى صفة الزنا في جانبها بدعوي النكاح سقط الحد عنهما ؟ فإذا انتفى أصل الفعل أولى ، وهذا ; لأن القاضي لا يتمكن من القضاء عليه بالزنا بها مع إنكارها ، ألا ترى أنها تبقى محصنة لا يتمكن من القضاء عليه بالزنا بغيرها ; لأنه لم يقر بذلك ، وبدون القضاء بالزنا لا يتمكن من إقامة الحد .

وفي الغائبة قياس استحسان والفصل المستحسن لا يدخل على طريقة القياس ثم بغيبتها واستكراهها لا ينتفي الفعل في جانبها وبإنكارها ينتفي ، ألا ترى أن من أقر لإنسان بشيء وكذبه بطل إقراره ؟ حتى لو صدقه بعد ذلك لم يصح ، ولو كان غائبا أو حاضرا ساكتا لم يبطل به الإقرار حتى إذا صدقه عمل بتصديقه ، وهذا بخلاف ما إذا قالت زنى بي مستكرهة ; لأن المحلية وأصل الفعل هناك قد ظهر في حقها ، ولهذا سقط إحصانها به وحديث سهل بن سعد قد ضعفه أهل الحديث ، ثم تأويل الحديث أنها أنكرت وطالبته بحد القذف فحده رسول الله صلى الله عليه وسلم بقذفه إياها بالزنا لا بإقراره بالزنا على نفسه

التالي السابق


الخدمات العلمية