صفحة جزء
وذكر عن يزيد بن خصيف رضي الله عنه قال : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فقال : أسرقت ما إخاله سرق ، فقال : نعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به ففعلوا به ذلك ، فقال : تب إلى الله ، فقال : تبت إلى الله تعالى ، فقال : اللهم تب عليه } ، وفيه دليل على أن الإمام مندوب إلى الاحتيال لدرء الحد وتلقين المقر الرجوع ، ويدل عليه ما روي عن أبي الدرداء أنه أتي بسارق أو بسارقة فقال : أسرقت قولي لا ، وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه أتي بسوداء يقال لها سلامة فقال : أسرقت قولي لا ، قالوا : أتلقنها ؟ قال : جئتموني بأعجمية لا تدري ما يراد بها حين تفسر فأقطعها ، وفيه دليل على أن المقر بالسرقة إذا رجع درئ عنه الحد وأن الرجل والمرأة في ذلك سواء ، وأن للإمام أن ينيب غيره منابه ليستوفي الحد لا بحضرته ، فإنه عليه الصلاة والسلام قال { : اذهبوا به فاقطعوه } ، وفيه دليل على أن القطع للزجر لا للإتلاف ; لأنه أمر بالحسم بعد القطع [ ص: 142 ] وهو دواء وإصلاح يتحرز به عن الإتلاف ، وفيه دليل على أن التطهير لا يحصل بالحد إذا كان مصرا على ذلك ، ولأنه خزي ونكال ، وإنما التطهير والتكفير به في حق التائب ، فإنه دعاه إلى التوبة بقوله صلى الله عليه وسلم { تب إلى الله } ، وفيه دليل على أن التوبة لا تتم بقوله تبت ، فإنه صلى الله عليه وسلم { قال : اللهم تب عليه } وتمام التوبة بالندم على ما كان منه ، والعزم على أن لا يعود إليه من بعد مع الوجل فيما بين ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية