صفحة جزء
وإذا مات المستأمن في دار الإسلام عن مال ، وورثته في دار الحرب وقف ماله حتى يقدم ورثته ; لأنه وإن كان في دارنا صورة فهو في الحكم كأنه في دار الحرب فيخلفه ورثته في دار الحرب في أملاكه ، وبموته في دارنا لا يبطل حكم الأمان الذي كان ثبت له بل ذلك باق في ماله فيوقف لحقه حتى يقدم ورثته ، وإذا قدموا فلا بد من أن يقيموا البينة ليأخذوا المال ; لأنهم بمجرد الدعوى لا يستحقون شيئا ، فإن أقاموا بينة من أهل الذمة ففي القياس لا تقبل هذه البينة ; لأن المال في يد إمام المسلمين ، وحاجتهم إلى استحقاق اليد على المسلمين ، وشهادة أهل الذمة لا تكون حجة في الاستحقاق على المسلمين ، وفي الاستحسان تقبل شهادتهم ، ويدفع المال إليهم إذا شهدوا أنهم لا يعلمون وارثا غيرهم ; لأنهم يستحقون المال على المستأمن ، فإن المال موقوف لحقه ، وشهادة أهل الذمة حجة على المستأمن ، ولأنهم لا يجدون شهودا مسلمين على وراثتهم عادة فإن أنسابهم في دار الحرب لا يعرفها المسلمون فهو بمنزلة شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال ، ويؤخذ منهم كفيل بما أدرك في المال من درك ، قيل : هو قولهما دون قول أبي حنيفة رحمهم الله تعالى كما فيما بين المسلمين ، وقيل : بل هذا قولهم جميعا ; لأن المال مدفوع إليهم بحجة ضعيفة فلا يدفع إلا بعد الاحتياط بكفيل ، ولا يقبل كتاب ملكهم في ذلك ; لأن ملكهم كافر لا أمان له ، ولو شهد لم تقبل شهادته فكيف يقبل كتابه ، وإن شهد على كتابه وختمه قوم من المسلمين فكذلك الجواب ; لأنه في حق المسلمين كواحد من العوام أو دونه ، وكتابه وختمه لا يكون حجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية