صفحة جزء
فإذا ادعى مسلم أن اللقيط عبده ، وأقام البينة قضي له به لأنه أثبت دعواه بالحجة ، وثبوت حريته باعتبار الظاهر ، والظاهر لا يعارض البينة ( فإن قيل ) كيف تقبل هذه البينة ، ولا خصم عن اللقيط لأن الملتقط ليس بولي فلا يكون خصما عنه فيما يضره ( قلنا ) الملتقط خصم له باعتبار يده لأنه يمنعه منه ، ويزعم أنه أحق بحفظه لأنه لقيط فلا يتوصل المدعي إلى استحقاق يده عليه إلا بإقامة البينة على رقه فلهذا كان خصما عنه فإن أقام الذمي البينة من أهل الذمة أنه ابنه لم تجز شهادتهم على المسلمين . قيل مراده أنه أقام البينة من أهل الذمة في معارضة بينة المسلم الذي أقامها على رقه ، ولا تحصل المعارضة بهذه لأن شهادة أهل الذمة لا تكون حجة على الخصم المسلم ، والأصح أن مراده إذا ادعى الذمي ابتداء أنه ابنه ، وأقام البينة من أهل الذمة فإن النسب قد ثبت منه بالدعوة ، ولكنه محكوم له بالإسلام فلا يبطل ذلك بهذه البينة ، ولا يحكم بكفره لأن هذه الشهادة في حكم الدين إنما تقوم على المسلم ، وشهادة أهل الذمة بالكفر على المسلم لا تقبل وإن كان شهوده مسلمين قضيت له به لأنه أثبت نسبه منه بما هو حجة على المسلم فيصير تبعا له في الدين ، ولا يأخذه الملتقط بما أنفق عليه لأنه كان متطوعا [ ص: 217 ] فيما فعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية