صفحة جزء
( فإن ) كان أخذ بعض الوديعة لينفقه في حاجته ، ثم بدا له ، فرده إلى موضعه ، ثم ضاعت الوديعة : فلا ضمان عليه ; لأن رفعه حفظ ، فلا يكون موجبا للضمان عليه . بقي مجرد نية الإنفاق في حاجته ، وبمجرد النية لا يصير ضامنا ، كما لو نوى أن يغصب مال إنسان ; وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم - { : إن الله - تعالى - تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسهم ما لم يعملوا ، أو يتكلموا } . والعراقيون يقولون : كاد ولما . أي : كاد يعصي فعصم ، والمعصوم لا يعاقب بعقوبة من عصى ، ولئن صار ضامنا بالرفع فقد عاد إلى الوفاق برد العين إلى مكانه ، وذلك يبرئه عن الضمان " عندنا " - على ما نبينه - بخلاف [ ص: 113 ] ما سبق ; لأن هناك إنما جاء بملك نفسه ، فوضعه مكان ما أنفق ، ولهذا لا يكون عودا إلى الوفاق فيما خالف فيه ، وهنا إنما جاء الوديعة بعينها ، فتحقق عوده إلى الوفاق ، وهذا أولى الوجهين " عندي " ; فإنه لو باعها ثم ضمن قيمتها ، نفذ البيع من جهته ، وإنما يستند ملكه بالضمان إلى وقت وجوب الضمان ، فلو لم يكن الرفع للبيع موجبا للضمان عليه قبل البيع والتسليم ، لم يستند ملكه إلى تلك الحالة ، فينبغي أن لا ينفذ بيعه ، والرواية محفوظة في هذا الكتاب . وفي المضاربة أن البيع نافذ ، فعرفنا أن الأوجه هو الطريق الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية