صفحة جزء
قال : ( فأما ذبيحة الصابئ وصيده يحل عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره ) وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - لا يحل ، وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه لا خلاف بينهم في الحقيقة ، ولكن في الصابئين قوم يقرون بعيسى عليه السلام ويقرءون الزبور فهم صنف من النصارى ، فإنما أجاب أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يحل ذبائح هؤلاء ، وفيهم من ينكر النبوات والكتب أصلا ، وإنما يعبدون الشمس ، وهؤلاء كعبدة الأوثان ، وإنما أجاب أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - في حق هؤلاء . قال الشيخ الإمام : رحمه الله تعالى وفيما ذكره الكرخي رحمه الله تعالى عندي نظر ، فإن أهل الأصول لا يعرفون في جملة الصابئين من يقر بعيسى عليه الصلاة والسلام ، وإنما يقرون بإدريس عليه الصلاة والسلام ويدعون له النبوة خاصة دون غيره ، ويعظمون الكواكب فوقع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهم يعظمونها تعظيم الاستقبال لا تعظيم العبادة ، كما يستقبل المؤمنون بالقبلة فقال : تحل ذبائحهم ، ووقع عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - أنهم يعظمونها تعظيم العبادة لها فألحقناهم بعبدة الأوثان ، وإنما اشتبه ذلك لأنهم يدينون بكتمان الاعتقاد ولا يستحيون بإظهار الاعتقاد ألبتة ، وإنما احتجاج أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - أولى ; لأن عند الاشتباه يغلب الموجب للحرمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية