صفحة جزء
قال : ( فإن كان رجل أجنبي يعول يتيما ، وليس بوصي له ، ولا بينهما قرابة ، وليس لهذا الوصي أحد سواه : جاز له ما يوهب له - استحسانا - ) ، وفي القياس : لا يجوز ; لأنه لا ولاية له عليه ، وهو متبرع في تربيته ، والإنفاق عليه فكان كسائر الأجانب فيما ينبني على الولاية ، ولكنه استحسن فقال : فيما يتمحض منفعة لليتيم ، فمن يعوله خلف عن وليه ; ألا ترى أنه أحق بحفظه وتربيته . لو أراد أجنبي آخر أن ينتزعه من يده لم يكن له ذلك ، وأن يسلمه في تعليم الأعمال فيكون في ذلك بمنزلة وليه ، والخلف يعمل عمل الأصل عند عدم الأصل ، وإنما أثبتنا هذه الخلافة توفيرا للمنفعة على الصغير ; لأنه يقرب إلى المنافع ، ويبعد عن المضار ، وفي قبض الهبة محض منفعة له فإذا ثبت أن له أن يقبض هبة الغير له ، فكذلك إذا كان هو الواهب فأعملها وأبانها : فهو جائز ، وقبضه له قبض ، ويستوي إن كان الصبي يعقل أو لا يعقل . وفيه نوع إشكال ; لأنه إذا كان يعقل فهو من أهل أن يقبض بنفسه ; فلا حاجة إلى اعتبار الخلف هاهنا ولكن الجواب أن يقول : يقبض لا باعتبار الولاية على نفسه فالصغير تبقى ولايته عن نفسه ، ولكن لتوفير المنفعة عليه ، وفي اعتبار قبض من يعوله مع ذلك معنى توفير المنفعة أظهر ; لأنه ينفتح عليه بابان لتحصيل هذه المنفعة بخلاف الولد الكبير ; لأنه يقبض هناك بولايته على نفسه ، وولاية الغير خلف ، فلا يظهر عند ظهور الأصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية