صفحة جزء
باب الشهادة في الهبة قال : ( وإذا شهد شاهدان على الهبة ومعاينة القبض : جازت الهبة ) ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ، والهبة مع القبض سبب ملك تام ، وإن شهدا على إقرار الواهب بالقبض ، وهو يجحده لم تجز شهادتهما في قول أبي حنيفة الأول ، ثم رجع فقال : الشهادة جائرة ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .

والصدقة والرهن على الخلاف أيضا . وجه قوله الأول : إن تمام هذه العقود بقبض يوجد ، وهو فعل لا قول ، والإقرار يحتمل الصدق والكذب ، والمخبر به إذا كان كذبا ، فبالإخبار لا يصير صدقا ، وما لم يكن موجودا من القبض ، فبإقراره لا يصير موجودا ، فظهر أن هذه الشهادة ليست بما هو سبب ملك تام . وجه قوله الآخر : أن القبض في هذه العقود لا يكون أقوى من القتل والغصب ، ثم فعل القتل والغصب كما يثبت بالشهادة على معاينته ، يثبت بالشهادة على الإقرار به ; وهذا لأن الثابت من الإقرار بالبينة كالمسموع من المقر في مجلس الحكم ، ولو أقر الخصم بأنه وهبه وسلمه إليه : قضي بالملك له . فكذلك إذا ثبت إقراره بالبينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية