صفحة جزء
قال : ( وإذا اختلفا في السلم أو في رأس المال ولم يقبضه ولم يتفرقا ) فالحاصل إن هذه ثلاثة فصول ( أحدها ) أن يكون الاختلاف في رأس المال وهو على وجهين إما أن يكون عينا [ ص: 162 ] أو دينا فإن كان عينا فقال : الطالب أسلمت إليك هذا الثوب في كر حنطة وقال : المطلوب بل هذا الثوب الآخر وأقاما البينة فإنه يقضي بالسلمين بالاتفاق لأن كل واحد منهما ببينته يثبت حقه فالطالب يثبت إزالة الثوب بالذي عينه عن ملكه بكر حنطة والمطلوب يثبت ملكه في الثوب الآخر فلا بد من القضاء بالعقدين وإن قال : الطالب أسلمت إليك هذا الثوب وقال : المطلوب مع هذا الثوب الآخر وأقاما البينة فالبينة بينة المطلوب بالاتفاق لأن القضاء بالعقدين غير ممكن فالثوب الواحد لا يكون جميع رأس المال في عقد وبعض رأس المال في عقد آخر والمطلوب يثبت الزيادة في حقه ببينته فلهذا قضينا ببينته بإسلام الثوبين في كر حنطة وإن كان رأس المال دينا فإن اختلفا في جنسه فقال : رب السلم عشرة دراهم في كر حنطة وقال : المسلم إليه دينار في كر حنطة وأقاما البينة فلا إشكال على قول محمد أنه يقضي بالعقدين وقيل هكذا ينبغي في القياس على قول أبي يوسف اعتبارا للدين بالعين والدنانير غير الدراهم ولكنه استحسن فقال : يقضى بعقد واحد وتكون البينة بينة المطلوب لأن الطالب لما لم يثبت لنفسه شيئا إذ لا مؤنة عليه فيما في ذمته وحقه في الكر ثابت باتفاقهما والمطلوب يثبت حقه ببينته فكانت بينته أولى

وإن اختلفا في قدر رأس المال فقال : الطالب عشرة دراهم وقال : المطلوب عشرون وأقاما البينة فهو على هذا الخلاف وكذلك لو كان الاختلاف في المسلم فيه في الجنس والقدر وقد بينا الاختلاف وإن كان الاختلاف فيهما جميعا بأن قال : رب السلم عشرة دراهم في كري حنطة وقال : المسلم عشرون درهما في كر حنطة فعند أبي يوسف تقبل بينة كل واحد منهما على ما يدعي من الزيادة في حقه ويقضي بعقد واحد وهو إسلام عشرين درهما في كري حنطة وعند محمد يقضي بعقدين كما شهد به كل فريق فالحاصل أن عند محمد يقضي بعقدين ما أمكن إلا إذا تعذر فحينئذ يشتغل بالترجيح للضرورة وعند أبي يوسف يقضي بعقد واحد إلا إذا تعذر فحينئذ يقضي بعقدين للضرورة وقول أبي حنيفة كقول أبي يوسف رحمهما الله

التالي السابق


الخدمات العلمية