صفحة جزء
قال ، فإن باعها المشتري بعدما رأى العيب بها وقد وطئها [ ص: 98 ] أو تعيبت عنده لم يكن له أن يرجع على البائع بنقصان عيبها ; لأن البائع يقول أنا أقبلها فإنما تعذر الرد ببيع المشتري إياها بعد العلم بالعيب ، وذلك يمنعه من الرجوع بحصة العيب ، والأصل في جنس هذا أن في كل موضع يجوز ردها برضا البائع فإذا باعها المشتري لم يكن له أن يرجع بنقصان عيبها وفي كل موضع لم يكن له أن يردها ، وإن رضي البائع فبيعه إياها لا يمنعه من الرجوع بنقصان العيب ; لأن تعذر الرد هنا بمعنى حكمي دون بيع المشتري إياها وفي الأول إنما تعذر الرد ببيع المشتري إياها فكأنه حبسها عنده ، وأراد الرجوع بنقصان العيب ، وعلى هذا لو اشترى ثوبا فقطعه ولم يخطه حتى رأى به العيب ثم باعه لم يكن له أن يرجع بنقصان العيب ; لأنه بعد القطع يجوز رده إذا رضي به البائع ، وإنما تعذر الرد ببيع المشتري إياه ، ولو قطعه وخاطه ثم رأى به العيب فباعه كان له أن يرجع بنقصان العيب ; لأن الرد كان متعذرا قبل البيع وإن رضي به البائع بصفة الخياطة التي أحدث المشتري فيه .

وكذلك لو اشترى ثوبا فصبغه بعصفر أو زعفران ثم وجد به عيبا فباعه رجع بنقصان العيب ; لأن الرد كان متعذرا قبل البيع للزيادة الحادثة في الثوب من ملك المشتري ولو صبغه أسود فكذلك الجواب عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ; لأن السواد عندهما زيادة ، وعند أبي حنيفة السواد نقصان كالقطع فإنما تعذر الرد ببيعه إياه فلا يرجع بنقصان العيب ، وقد ذكرنا هذا في كتاب الغصب

التالي السابق


الخدمات العلمية