صفحة جزء
وإن اشترى بدرهم فلوسا وقبضها ، ولم ينقد الدرهم حتى كسدت الفلوس فالبيع جائز ، والدرهم دين عليه ; لأن العقد في الفلوس قد انتهى بالقبض ، وصفة الدرهم لم تتغير بكساد الفلوس فبقي دينا على حاله ، وإن نقد الدرهم ولم يقبض الفلوس حتى كسدت في القياس هو جائز أيضا ; لأن بالكساد لا تتغير عينها ، ولا يتعذر تسليمها إلا بالعقد ، وفي الاستحسان بطل العقد لفوات صفة الثمنية في الفلوس قبل القبض وعليه أن يرد الدرهم ; لأنه مقبوض في يده بسبب فاسد ، وكذلك لو اشترى فاكهة بالفلوس ، وقبض ما اشترى ، ثم كسدت الفلوس قبل أن ينقدها فالبيع ينتقض - استحسانا ; لأنها تبدلت معنى حين خرجت عن أن تكون ثمنا وماليتها كانت بصفة الثمنية ما دامت رائجة فبفوتها تفوت المالية ; فلهذا يبطل العقد ، ويرد ما قبضه إن كان قائما ، أو قيمته إن كان هالكا ، وبعض المتأخرين - رحمهم الله - يقول : معنى قوله : البيع ينتقض أنه يخرج من أن يكون لازما ، ويتخير البائع في نقضه لما عليه من الضرر عند كساد الفلوس ، وقد حصل ذلك [ ص: 29 ] قبل قبضه فيخير ، أما أصل المالية فلا ينعدم بالكساد ، فيبقى العقد كذلك ، والأول أصح ; لأن انعقاد هذا العقد لم يكن باعتبار مالية قائمة بعين الفلوس ، وإنما كان باعتبار مالية قائمة بصفة الثمنية فيها ، وقد انعدم ذلك ، وعن أبي يوسف : أن هنا البيع لا ينتقض بخلاف ما إذا اشترى بدرهم فلوسا ; لأن هناك بعد الكساد لا يجوز ابتداء ذلك العقد ; لأنها بالكساد تصير مبيعة ، وبيع ما ليس عند الإنسان لا يجوز ، وهنا ابتداء البيع بعد الكساد يجوز ; لأن ما يقابلها من الفاكهة مبيع ، فالفلوس الكاسدة بمقابلة المبيع يجوز أن تجعل ثمنا باعتبار أنه عددي متقارب كالجوز ، وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية