وأما التاجران من المسلمين في دار الحرب ، فلا يجوز بينهما إلا ما يجوز في دار الإسلام ; لأن مال كل واحد منهما معصوم متقوم ، وأن ذلك يثبت بالإحراز بدار الإسلام ، ولا ينعدم معنى الإحراز بالاستئمان إليهم ، ولهذا يضمن كل واحد منهما مال صاحبه إذا أتلفه ، وإنما يتملك كل واحد منهما على صاحبه بالعقد الذي باشره ، ولا يجوز إثبات عقد لم يباشراه بينهما من هبة ، أو غيرها ، وإن كان أسلما ، ولم يخرجا حتى تبايعا بالربا ، كرهته لهما ، ولم أرده له ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله - يرده ، والحكم فيها كالحكم في التاجرين أما على أصل nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فقط فظاهر ; لأنه لا يجوز هذا العقد بين المسلم ، والحربي فكيف يجوز بين المسلمين nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد يقول : مال كل ، واحد منهما معصوم عن التملك بالأخذ ، ألا ترى أن المسلمين لو ظهروا على الدار لا يملكون مالهما بطريق الغنيمة ، وإنما يتملك أحدهما مال صاحبه بالعقد بخلاف مال الحربي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول : بالإسلام قبل الإحراز تثبت العصمة في حق الإمام دون الأحكام ، ألا ترى أن أحدهما لو أتلف مال صاحبه ، أو نفسه لم يضمن ، وهو آثم في ذلك ، وإنما تثبت العصمة في حق الأحكام بالإحراز ، والإحراز بالدار لا بالدين ; لأن الدين مانع لمن يعتقده حقا للشرع دون من لا يعتقده وبقوة الدار يمنع عن ماله من يعتقد حرمته ، ومن لم يعتقده ; فلثبوت العصمة في حق الآثم قلنا : يكره لهما هذا الصنيع ، ولعدم العصمة في حق الحكم قلنا : لا يؤمر أن يرد ما أخذه ; لأن كل واحد منهما إنما يملك مال صاحبه بالأخذ فأما إذا ظهر المسلمون على الدار ، فإنما لا يملكون مال الذي أسلم ; لأنه صار محرزا ماله بيده ، ويده أسبق إليه من يد الغانمين .