صفحة جزء
وإذا كانت الدار لثلاثة نفر فشهد اثنان منهم أنهم جميعا باعوها من فلان وادعى ذلك فلان وجحد الشريك لم تجز شهادتهم على الشريك ; لأنهما بهذه الشهادة يثبتان صفة اللزوم في بيعهما ، فإن للمشتري حق الفسخ إذا لم يثبت البيع في نصيب الثالث ; لأنهما يشهدان على فعل باشراه ، فإنهم باشروا البيع صفقة واحدة وهم في ذلك كشخص واحد ، والإنسان فيما يباشر يكون خصما لا شاهدا وللشفيع أن يأخذ ثلثي الدار بالشفعة ; لأن البيع في نصيبهما ثبت بإقرارهما وإن أنكر المشتري الشراء وأقر به الشركاء جميعا فشهادتهم أيضا باطلة ; لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم ويثبتون الثمن لهم في ذمة المشتري وللشفيع أن يأخذ الدار كلها بالشفعة لثبوت البيع في جميعها عند إقرارهم بذلك ، ولا شفعة للوكيل فيما باع ; لأن البائع لغيره في حكم العقد ، كالبائع لنفسه ، ولا شفعة للبائع ، فإن أخذه بالشفعة يكون سعيا في نقض ما قد تم به وهو الملك ، واليد للمشتري

ومن سعى في نقض ما قد تم به يبطل سعيه ; ولأنه لو ثبت له حق الشفعة امتنع من تسليمها إلى المشتري بعد ما التزم ذلك بالعقد يكون حق الشفيع مقدما ، وكذلك لا شفعة لمن بيع له ، وهو الموكل ; لأن تمام البيع به ، فإنه لولا توكيله ما جاز البيع ، فإن شهد الآمر بالبيع مع أجنبي أن المشتري ردها على البائع بالشفعة لم تجز شهادة الآمر في ذلك لكونه متهما في شهادته ، فالمشتري قبل هذا [ ص: 122 ] إذا وجد بها عيبا ردها على الوكيل وكان ذلك ردا على الموكل ويمتنع ذلك إذا قبلت شهادته على أنه ردها على البائع بالشفعة ، فيكون في هذا تبعيد الخصومة عنه ; لأن البائع لما لم يكن له الشفعة فيردها عليه كابتداء البيع منه وشهادة الآمر بالبيع على المشتري أنه باعها من غيره لا تقبل ، فأما الوكيل بالشراء له أن يأخذ ما اشترى بالشفعة ; لأن شراءه لغيره كشرائه لنفسه وشراؤه لنفسه لا يكون إبطالا للشفعة حتى إن أحد الشفعاء إذا اشترى الدار ، فهو على شفعته فيها يظهر ذلك عند مزاحمة الآخرين فكذلك شراؤه لغيره ، وهذا ; لأن الشفعة إنما تبطل بإظهار الشفيع الرغبة عن الدار لا بإظهار الرغبة فيها ، والشراء إظهار الرغبة في المشترى ، فلا يكون إبطالا للشفعة ; ولأن البائع يلتزم العهدة بالبيع فلو أخذ بالشفعة كان مبطلا ما التزم به من العهدة ، والمشتري يلتزم الثمن بالشراء ، وهو بالأخذ بالشفعة يقرر ما التزم بالشراء ولو شهد ابنا الشفيع أنه قد سلم الشفعة لم تجز شهادتهما ; لأنهما يشهدان لأبيهما بتقرر الملك ، واليد فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية