صفحة جزء
وإذا كفل رجلان للمشتري بالدرك ، ثم شهدا عليه بتسليم الدار إلى الشفيع بالشفعة فشهادتهما باطلة ; لأن الكفيل بالدرك بمنزلة البائع ، وقد بينا أن شهادة البائع بذلك غير مقبولة ، ولا شهادة ابنيه فكذلك شهادة الكفيلين بالدرك وشهادة ابنيهما ، وهذا ; لأنهما ينقلان العهدة عن أنفسهما بهذه الشهادة ، وكذلك إن شهدا أن الشفيع سلم الشفعة فهما بمنزلة البائعين في ذلك لا تقبل شهادتهما ; لأن صحة الشراء وتمام الملك للمشتري كان بقبولهما ضمان الدرك فهما بهذه الشهادة يقران ما يصح بهما وإذا أشهد الشفيع شهودا أنه يأخذها بالشفعة ولم يجئ إلى المشتري ، ولا البائع ، ولا إلى الدار ولم يطلبها ، فلا شفعة له ; لأنه ترك الطلب المقرر لحقه بعد ما تمكن منه ولو ترك طلب المواثبة بعد ما تمكن منه سقط حقه فهنا أولى

فإن شهد على الطلب قبلهما ولم يسم له الثمن ، فهو بالخيار إذا علم للثمن ; ليكشف الحال له عند ذلك ; ولأن بمجرد الطلب لا يتم الأخذ ، وهو على خياره ما لم يتم أخذه بالشفعة وإذا شهد البائعان على المشتري أن الشفيع قد طلب الشفعة حين علم بالشراء ، والشفيع مقر أنه علم به منذ أيام وقال المشتري : ما طلب الشفعة ، فشهادة البائعين باطلة ، وكذلك شهادة أولادهما كما لو شهدا على المشتري بتسليم الدار إلى الشفيع ، وهذا ; لأنهما يقرران حق الشفيع في الأخذ ، وفيه تنفيذ العهدة ، والخصومة عنهما ، وإن قال الشفيع لم أعلم بالشراء ، إلا الساعة ، فالقول قوله مع يمينه ; لأن علمه بالشراء حادث فعلى من ادعى تاريخا سابقا فيه أن يثبته بالبينة وهو منكر للتاريخ ، فالقول قوله مع يمينه ، فإن شهد البائعان أنه علم منذ أيام فشهادتهما باطلة إن كانت الدار في أيديهما ، أو في يد المشتري ; لأن هذا في المعنى شهادة على الشفيع بتسليم الشفعة ، وقد بينا أن البائع لا يكون شاهدا في هذا إما ; لأنه خصم فيه ، أو ; لأنه كان خصما فيه في وقت وإذا كان الشفعاء ثلاثة فشهد اثنان منهم على أحدهم أنه قد سلم الشفعة ، فإن قال قد سلمناها معه فشهادتهما جائزة لخلوها عن التهمة فيها ، وإن قال : نحن نطلب فشهادتهما باطلة ; لأنهما متهمان فيها ، وإنما يدفعان بشهادتهما مزاحمة الثالث معهما [ ص: 128 ] وإن قالا : قد سلمناها معه ولابن أحدهما شفعة ، أو لابنه ، أو لمكاتبه أو لزوجته فشهادتهما باطلة ; لأنه متهم في حق هؤلاء كما في حق نفسه وكما لا تقبل شهادته إذا أزال بها المزاحمة عن نفسه فكذلك لا تقبل إذا أزال المزاحمة عن مكاتبه ، أو ابنه ; لأنه يجر إليهما بشهادته منفعة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية