صفحة جزء
باب ما لا تجب فيه الشفعة من النكاح وغيره . قال : رحمه الله قال : قد بينا في النكاح أن المهور لا تستحق بالشفعة عندنا وتستحق عند .

[ ص: 145 ] الشافعي ، والحاصل عندنا أن الشفعة تختص بمقابلة مال بمال مطلقا ; لأن الشفيع لا يتمكن من الأخذ ، إلا بمثل السبب الذي يملك به الجار الحادث ، وأخذه لا يكون إلا مبادلة مال بمال مطلقا ، وعلى هذا الأصل لا شفعة في المجعول بدلا في الخلع ، والصلح في القصاص في نفس ، أو عضو ; لأن الشفيع لا يتمكن من الأخذ بمثل ذلك السبب ، ولا يمكن إقامته مقام المتملك في حكم ذلك السبب ، فهو نظير الموهوب لا يستحق بالشفعة ، وكذلك لو استأجر إبلا بدار ; لأن الأجرة غير مملوكة بإزاء مال مطلقا ; لأن الشفعة ليست بمال في الحقيقة ، وإنما يجعل لها حكم المالية في جواز العقد عليها للحاجة ، ثم قد بينا في كتاب النكاح ما إذا تزوج امرأة على دار على أن ردت عليها ألفا ، وذكرنا أن عند أبي يوسف ومحمد تجب الشفعة في حصة الألف بمنزلة ما لو أفرد كل واحد من العقدين ، وعند أبي حنيفة لا تجب الشفعة في شيء ; لأن البيع هنا بيع للنكاح

( وإذا تعذر إيجاب ) الشفعة فيما هو الأصل لا يوجب فيما هو بيع ، ولو تزوج امرأة بغير مهر ، ثم فرض لها داره مهرا ، أو صالحها على أن يجعلها مهرا لها أو أعطاها إياها مهرا لم يكن فيها شفعة ; لأن هذا منه تعيين لمهر المثل ومهر المثل مملوك لها بمقابلة ما ليس بمال ، فلا يستحق بالشفعة ; ولأن أكثر ما فيه أن يجعل المفروض بعد العقد ، كالمسمى في العقد ، وهذا بخلاف ما لو باعها بمهر مثلها دارا ; لأن البيع اسم خاص لمبادلة مال بمال ففي لفظ البيع دليل على أنه ملكها الدار عوضا عن مهر المثل ، وكذلك إن صالحها من مهرها على الدار ، أو مما وجب لها من المهر على الدار فللشفيع فيها الشفعة ; لأن في لفظهما ما يدل على أنهما لم يقصدا تعيين مهر المثل بالدار ، فإنه ملكها ذلك عوضا عن المهر الذي استوجب عليه والذي استوجب عليه من المهر مال فكان مبادلة مال بمال ، وكذلك لو تزوجها على مهر مسمى فباعها به هذه الدار أخذها الشفيع بالشفعة ، وكذلك لو فرض القاضي لها مهرا ، ثم اشترى به الدار أخذها الشفيع بالشفعة بخلاف ما لو أعطاها الدار مهرا ، فإن هناك لو طلقها قبل الدخول وجب عليها أن ترد الدار وتطالبه بالمتعة ، وهنا لو طلقها قبل الدخول لم يلزمها رد شيء من الدار على الزوج ، وإنما لزمها من الدار ما فرض القاضي مهرا لها يحسب من ذلك مقدار المتعة ويعطيه الفضل على ذلك وفي المسمى في العقد يعطيه نصف المسمى .

التالي السابق


الخدمات العلمية