صفحة جزء
باب الوكالة في الشفعة

( قال : رحمه الله ويجوز للشفيع أن يوكل بطلب الشفعة والخصومة فيها وكيلا كما يجوز أن يوكل بطلب سائر حقوقه ، فقد يحتاج إلى التوكيل في ذلك لقلة هدايته في الخصومات ، أو لكثرة اشتغاله ، ولا يقبل من وكيله البينة على الوكالة ، إلا وخصمه معه ) ; لأنه يقيم البينة ; ليقضي له بالوكالة ، ولا يقضي ببينة قامت لا على خصم حاضر وإذا أقر المشتري بشراء الدار ، وهي في يده وجبت الشفعة للشفيع فيها وخصمه الوكيل ، ولا أقبل من المشتري بينة أنه اشتراها من صاحبها إذا كان صاحبها غائبا ; لأن القضاء عليه بالشفعة بإقراره لا يكون قضاء على الغائب بالبيع ، فإن من في يده عين إذا أقر بحق فيه لغيره قضي عليه بإقراره ، والوكيل الذي حضر ليس بخصم عن صاحب الدار ، فالقضاء على الغائب بالبينة لا يجوز ، إلا بمحضر من الخصم حتى إذا أجرت الدار فأنكر ذلك أبطلت البيع ، والشفعة ، وردت الدار عليه لتصادقهم على أن أصل الملك كان له بعد أن يحلف بالله ما باعه ، إلا أن تقوم عليه بينة بمحضر منه وهذه البينة مقبولة من الشفيع ، والمشتري جميعا ; لأن المشتري يثبت عقده بالبينة ، والشفيع يثبت حقه في الشفعة

وإذا طلب وكيل الشفيع له الشفعة ، فقال المشتري : أريد يمين الشفيع ما سلم لي ، فإنه يقضى عليه بالدار بهذا ويقال له انطلق فاطلب يمين الآمر ، وعن أبي يوسف قال : لا يقضي بها حتى يحضر الشفيع ويحلف وهذه ثلاثة فصول ( أحدها ) ما بينا ( والثاني ) وكيل صاحب الدين إذا طالب المديون بإيفاء الدين وقال المديون أريد يمين الموكل ما أبرأني ، فإنه يقضى عليه بالمال ويقال له انطلق [ ص: 162 ] فاطلب يمين الطالب ( والثالث ) وكيل المشتري إذا أراد الرد بالعيب ، فقال البائع : أريد يمين الموكل ما رضي بالعيب فله ذلك ، ولا يرد حتى يحضر المشتري فيحلف فأبو يوسف يجعل مسألة الشفعة نظير مسألة العيب ; لأن في فصل الشفعة قضاء بالملك ، والعقد ، فإن الأخذ بالشفعة بمنزلة الشراء كما أن الرد بالعيب قضاء بفسخ العقد وإعادة المبيع إلى ملك البائع . وفي ظاهر الرواية سوى بين الشفعة وقضاء الدين ; لأن بالتسليم سقط الحق بعد الوجوب ، ولا ينعدم السبب كما في الإبراء عن الدين بخلاف الرد بالعيب فهناك ينعدم السبب المثبت لحق الرد ، وهو حق المشتري في المطالبة بتسليم الجزء الفائت ، يوضح الفرق : أن هناك لو فسخ العقد نفذ قضاؤه بالفسخ لقيام السبب ، وهو العيب فيتضرر به البائع ضررا لا يمكنه دفعه عن نفسه ; لأنه لا يطالب المشتري باليمين بعد ذلك لخلوه عن الفائدة ، فإنه ، وإن نكل لا يعود العقد وفي مسألة قضاء الدين لو أمر المديون بقضاء الدين لا يتضرر بذلك ضرر إبطال حقه في اليمين ، بل هو على حقه من استحلاف الطالب ومتى نكل رد عليه المال ، وكذلك في مسألة الشفعة ، فالمشتري لا يتضرر بالقضاء بالشفعة من حيث إبطال حقه في اليمين ، بل هو على حقه في استحلاف الشفيع وإذا نكل رد عليه الدار ; فلهذا لا يتأخر القضاء بالشفعة لأجل يمين الموكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية