صفحة جزء
وإذا اشترى الذمي من الذمي دارا بخمر وتقابضا ثم صارت خلا وأسلم البائع والمشتري ثم استحق نصف الدار ، فنقول : إن كان المشتري هو الذي أسلم ولم يسلم البائع أو أسلم البائع بعد إسلام المشتري أو أسلما معا بقي النصف المستحق ويأخذ المشتري نصف الخل فقط ; لأن بالاستحقاق ينتقض العقد من الأصل وخمر المسلم لا يكون مضمونا على الكافر ، فهو كما لو غصب من مسلم خمرا فتخللت ، فإنه يأخذ الخل ، ولا شيء له غيره ، فأما في النصف الذي لم يستحق المشتري بالخيار لبعض الملك عليه ، فإن اختار فسخ العقد رجع بنصف الخل ; لما بينا أن الخمر لا تكون مضمونة له على أحد ، وهذا إذا كانت الخمر بعينها

فإن كانت بغير عينها ، فلا خيار له في النصف الباقي ; لأنه لو ردها ردها بغير شيء ، ولا سبيل له على الخل ; لأن العقد ما يتناول هذا بعينه وإنما تناول خمرا في الذمة فعند الفسخ يعود حقه في ذلك والخمر لا يجوز أن يكون دينا للمسلم على آخر ، فأما [ ص: 170 ] إذا كان البائع هو الذي أسلم دون المشتري أو أسلم البائع أولا ثم المشتري فكذلك الجواب عند أبي يوسف ، فأما على ما رواه زفر وعاقبه عن أبي حنيفة من الفرق بين إسلام الطالب والمطلوب ، فنقول : في النصف المستحق بالخيار إن شاء أخذ نصف الخل وإن شاء ضمن البائع نصف الخمر ; لأنه يتبين أن البيع في هذا النصف كان باطلا والخمر تكون مضمونة للكافر على المسلم وقد تغير المقبوض في يده حين تخللت ، فإن شاء رضي بالتغير وبأخذ نصف الخل وإن شاء ضمنه نصف قيمة الخمر وفي النصف الذي لم يستحق يتخير لبعض الملك ، فإن فسخ العقد وكانت الخمر بعينها تخير بين أن يأخذ بنصف الخل وبين أن يرجع بنصف قيمة الخمر للتغير في ضمان البائع وإن كان الخمر بغير عينها ، فإذا فسخ العقد رجع بنصف قيمة الخمر لا غير ; لأن العقد ما يتناول هذا العين وعند الفسخ إنما يرجع بما يتناوله العقد فلهذا يرجع بنصف قيمة الخمر ، فإن كان البائع قد استهلك الخل ففي المعين له أن يرجع عليه بمثله ; لأن الخل من ذوات الأمثال وإن لم يقدر على مثله ، فالرجوع بقيمته وهو على التخريج الذي بينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية