صفحة جزء
رجل تكارى دارا سنة بمائة درهم على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها فالإجارة فاسدة ; لأنه نفى موجب العقد بالشرط ، ومثل هذا الشرط لا يلائم العقد فإن سكنها فعليه أجر مثلها ولا ينقص مما سمى ; لأن المستأجر التزم المسمى بدون أن يسكنها فالتزامه لها إذا سكن أظهر ، ورب الدار إنما رضي بالمسمى إذا لم يسكنها فعند السكنى لا يكون راضيا بها ; فلهذا أعطاه أجر مثلها بالغا ما بلغ فإن تكاراها على أن يسكنها فلم يسكنها ولكنه جعل فيها حيوانا وقال رب الدار ردها علي .

( قال : ) هذا يخربها فليس له ذلك حتى تنقضي المدة ; لأن ما فعل من السكنى .

( ألا ترى ) أنه لو سكنها كان له أن يجعل فيها من الحبوب مع [ ص: 150 ] نفسه ما يحتاج إليه فهذا مما صار مستحقا بعقد الإجارة فلا يمنعه رب الدار منه ولا يفسخ العقد لأجله ، وإذا أنزل المستأجر زوج ابنته معه في الدار فلما انقضت المدة طالبه بالأجر فليس له ولا لرب الدار أن يأخذ الزوج بشيء من ذلك ; لأن العقد لم يجر بينه وبين رب الدار ، والمستأجر أسكنه من غير أن يشرط عليه أجرا ولو أسكنه ملكه لم يطالبه بالأجر ، فكذلك إذا أسكنه دارا يكتريها فإن تكارى منزلا في دار فيها سكان فأمره صاحب المنزل أن يكنس البئر التي في الدار ففعل وطرح ترابها في الدار فعطب بذلك إنسان فلا ضمان عليه ; لأن فعله بأمر رب الدار كفعل رب الدار بنفسه وكذلك إن فعله بغير أمر رب الدار ; لأن هذا من توابع السكنى فإن الساكن مرتفق بالبئر ولا يتأتى له ذلك إلا بالكنس فلم يكن متعديا فيما صنع ; فلهذا لا يضمن ، إلا أن يخرج التراب إلى الطريق فحينئذ هو متعد في إلقاء التراب في الطريق فكان ضامنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية