صفحة جزء
وإن تكارى فسطاطا يخرجه إلى مكة فخلفه بالكوفة حتى رجع فهو ضامن ; لأنه أمسكه في غير الموضع المأذون فيه فإن صاحبه إنما أذن له في الإمساك في الطريق ليقرر حقه في الأجر ويفوت عليه هذا المقصود إذا أمسكه بالكوفة وإمساك الغير بغير إذن مالكه موجب الضمان عليه ولا كراء عليه ; لأنه ما تمكن من استيفاء المعقود عليه فالمعقود عليه نصبها [ ص: 28 ] وسكناها في الطريق ، وذلك لا يتأتى إذا خلفها بالكوفة والقول قوله مع يمينه بالله ما أخرجه ; لأنه ينكر التمكن من استيفاء المعقود عليه ووجوب الأجر عليه فهو كما لو أنكر قبض الفسطاط أصلا ، وكذلك لو أقام بالكوفة ولم يخرج ولم يدفع الفسطاط إلى صاحبه فهو مثل الأول لوجود الإمساك لا على الوجه الذي أذن له فيه صاحبه .

وكذلك لو خرج ودفع الفسطاط إلى غلامه فقال ادفعه إلى صاحبه فلم يدفع حتى رجع المولى فهو مثل الأول ; لأنه لم يصل إلى صاحبه وكونه في يد غلامه وما لو خلفه في بيته بالكوفة سواء ، وكذلك لو دفعه إلى آخر وأمره أن يرده إلى صاحبه فلم يفعله ; لأنه مخالف بالإمساك في غير الموضع المأذون فيه وبالتسليم إلى الأجنبي أيضا ، ولو حمله الرجل إلى صاحب الفسطاط فأبى أن يقبله برئ المستأجر والرجل من الضمان ولا أجر عليه ; لأن صاحب الفسطاط تمكن من فسطاطه حين رد عليه وفعل مأمور المستأجر كفعل المستأجر بنفسه ولو رده بنفسه لم يكن لصاحبه أن يمتنع من قبوله ; لأن هذا عذر له ; لأنه يحتاج إلى مؤنة في إخراج الفسطاط وله أن يلتزم تلك المؤنة . فكذلك إذا رده ثانية لم يكن له أن يمتنع من قبوله .

ولو هلك الفسطاط عند هذا الآخر قبل أن يحمله إلى صاحبه فلصاحب الفسطاط أن يضمن أيهما شاء ; لأن كل واحد منهما متعد في حقه غاصب فإن ضمن الوكيل رجع به على المستأجر ; لأنه ضمن في عمل باشره له بأمره ، وإن ضمن المستأجر لم يرجع به على الوكيل ; لأنه لو رجع عليه رجع الوكيل به أيضا ، ولأن يد الوكيل قائمة مقام يد المستأجر فهلاكه في يد الوكيل كهلاكه في يد المستأجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية