صفحة جزء
ولو قضي لرجل بالقصاص في قتل فاستأجر رجلا يقتل له لم أجعل له أجرا ، وفي السير الكبير قال إذا استأجر رجلا يقتل مرتدا ، أو حربيا أسيرا لم يجز عند أصحابنا رحمهم الله ، ولو استأجره ليقطع طريقا جاز وأما أنا فلا أفرق بينهما وأجوز العقد فيهما ومراده بقوله عند أصحابنا أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله فالحاصل أن عند محمد يجوز الاستئجار على ذلك كله ; لأنه عمل معلوم بمحله وإقامته جائز شرعا فيجوز الاستئجار عليه كذبح الشاة وقطع الطرق وكسر الحطب ، وما أشبه ذلك ولأبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ( حرفان ) أشار إلى أحدهما في الكتاب فقال ما قيل إن هذا ليس بعمل يعني أن القتل إزهاق الروح ، وذلك ليس بصنع العباد كما أن إدخال الروح ليس من صنع العباد ولا يتصور الاستئجار عليه . فكذلك الإزهاق بخلاف الذبح فهو عبارة عن تسييل الدم النجس ليتميز به الطاهر من النجس ، وذلك بقطع الحلقوم والأوداج وهو من صنع العباد والقطع كذلك فإنه إبانة الجزء من الجملة ، وذلك يحصل بصنع العبد ، ولأن القتل إيقاع الفعل في المحل مع التجافي ومثله منه ما يحل شرعا ومنه ما يحرم كالمثلة ولا يدري كيف يكون منه إيقاع الفعل والمقصود يتم بضربة أو بضربتين فللجهالة والتردد بين الحل والحرمة لم يجز الاستئجار عليه بخلاف القطع والذبح فإنه يكون بإمرار السلاح على المحل لا بصفة التجافي عنه وكسر الحطب بإيقاع الفعل على المحل بالتجافي ، ولكن الكل فيه سواء في صفة الحل شرعا ; فلهذا جاز الاستئجار عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية