صفحة جزء
وإن استأجره بالكوفة يحفر قبرا ولم يسم له في أي المقابر يحفر فالعقد فاسد في القياس للجهالة التي تفضي إلى المنازعة ، ولكن أستحسن إذا حفر في الناحية [ ص: 49 ] التي يدفن فيها أهل ذلك الموضع أجعل له الأجر ، وهذا بناء على عادة أهل الكوفة فإن لكل درب فيهم مقبرة على حدة لأهلها . فأما في ديارنا فلو انتقل من محلة إلى محلة فلا بد من تسمية المقبرة بناء على عرف ديارنا ، وإن سمى له موضعا معلوما فحفر في موضع آخر فلا أجر له إلا أن يدفنوا في حفرته فإن فعلوا ذلك فله الأجر حينئذ ، وكذلك إن أمروه بحفر القبر ولم يسموا موضعا فحفر في غير مقبرة أهل تلك البلدة ، أو تلك الناحية فلا أجر له إلا أن يدفنوا في حفرته فحينئذ يستوجب الأجر لوجود الرضاء منهم بعمله حين دفنوا الميتة فيه .

وإن أرادوا منه تطيين القبر ، أو تجصيصه فليس ذلك عليه ; لأنه التزم عمل الحفر والتجصيص ليس من ذلك في شيء ، وفي العادة الذي يطين القبر غير الذي يحفره ، وإن استأجروه ليحفر لهم القبر ولم يسموا له طوله ولا عرضه ولا عمقه في الأرض فهو فاسد في القياس ; لأن القبور تختلف في الطول والعرض والعمق والعمل بحسبه يتفاوت ، ولكني أستحسن فأجبره فأقدره بوسط ما يعمل الناس ; لأن ذلك معلوم بالعرف فهو كالشروط بالنص وبمطلق العقد يستحق الوسط في المعاوضات فإنه فوق الوكس ودون الشطط وخير الأمور أوسطها ، وإن وصفوا له موضعا فوجد وجه الأرض لينا فلما حفر ذراعا وجد جبلا أجبره على أن يحفر إن كان ذلك مما يحفر الناس ; لأنه التزمه بمطلق العقد ، وإن لم يسموا له لحدا ولا شقا فهو عادة أهل تلك الناحية فإن كان بالكوفة فعظم عملهم على اللحد ، وإن كان في بلد عظم عملهم على الشق فهو على الشق ; لأن بمطلق العقد يستحق المتعارف والمتعارف ما عليه عظم العمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية