صفحة جزء
وإذا دفع غلامه إلى عامل ليعلمه عملا ولم يشترط واحد منهما على صاحبه أجرا ، أو دفعه على وجه الإجارة فلما علمه العمل قال الأستاذ لي الأجر . وقال رب العبد لي الأجر فإني أنظر إلى ما تصنع أهل تلك البلاد في ذلك العمل فإن كان المولى هو الذي يعطى الأجر جعلت عليه أجر مثله للأستاذ ، وإن كان الأستاذ هو الذي يعطى الأجر جعلت على الأستاذ أجر مثله للمولى ; لأن العقد كان مطلقا بينهما فيجب حمله على المتعارف ، ولأن الظاهر شاهد لمن يوافق العرف قوله والبناء على الظاهر واجب حتى يتبين خلافه .

( قال ) رضي الله عنه كان شيخنا الإمام رحمه الله يقول العمل الذي يشترط للأستاذ فيه الأجر في ديارنا عمل المغازل فإنه يفسد الحسب حتى يتعلم ، وكذلك الذي ينقب الجواهر ، وما أشبه ذلك من الأعمال الذي يفسد المتعلم بعض ما هو متقوم حتى يتعلم . فإذا كان بهذه الصفة فالأجر للأستاذ ولو لم يكن الأجر مسمى عند العقد فيصار إلى أجر المثل . فإذا استأجر الرجل غلاما في عمل مسمى كل شهر بكذا فالعقد لازم على كل شهر واحد ; لأنه أضاف كلمة كل إلى ما لا يعرف منتهاه فيتناول أدناه وكل شهر يستعمله فيه بعد ذلك فله الأجر . فإذا دخل من الشهر الثاني يوم واحد واستعمله فيه فقد لزمته الإجارة في ذلك لوجود الرضى منهما دلالة ، وبعد لزوم العقد لا يكون له أن يخرجه إلا من عذر . وإذا أبق العبد من المستأجر فله أن يفسخ الإجارة لتعذر استيفاء المعقود عليه فإن لم يفسخها حتى رجع العبد فالإجارة لازمة له فيما بقي من المدة لزوال العذر ، وقد بينا أن الإجارة في حكم عقود متفرقة فيما يفسخ العقد في بعض المدة لفوات المعقود عليه فذلك لا يمنع لزومه فيما بقي من المدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية