صفحة جزء
. وإذا جاء بكتاب القاضي أن لفلان علي كذا وكذا من الدين لم يجز حتى ينسبه إلى أبيه وإلى فخذه التي هو بها أو ينسبه إلى تجارة يعرف بها مشهورة ، وقد بينا قول أبي حنيفة رحمه الله في النسبة إلى التجارة ; لأنها لا تقوم مقام النسبة إلى الفخذ إلا أن يكون شيئا مشهورا لا يخفى على أحد ، وإن كان في تلك الفخذ ، أو إلى التجارة اثنان [ ص: 99 ] كذلك لم يجز حتى ينسب إلى شيء يعرف به من الآخر ; لأنه لا بد من تميز المشهود عليه من غيره .

( ألا ترى ) أنهما لو شهدا على أحد الرجلين بحضرتهما لم يقبل ذلك بدون التعيين . فكذلك في حق الغائب لا بد من تمييز المشهود عليه من الآخر على وجه لا يبقى فيه شبهة ، وإن لم يكن كذلك إلا واحدا فأقام الخصم البينة أنه قد كان فيهم رجل على ذلك الاسم والنسب ، وأنه قد مات لم يقبل ذلك منه إذا كان موته قبل تاريخ الكتاب ، وإن كان بعده قبلته وأبطلت الكتاب الذي جاء به المدعي ; لأن الثابت بالبينة بمنزلة المعلوم للقاضي ، ولو كان معلوما عند القاضي وجوده وموته قبل تاريخ الكتاب لم يمتنع لأجله من العمل بالكتاب ; لأن في الكتاب ذكر الاسم والنسب مطلقا فإنما ينصرف ذلك إلى الحي دون الميت ; لأنه إذا كان المقصود الميت يذكر في الكتاب فلان الميت وأما إذا كان موته بعد تاريخ الكتاب فكل واحد منهما كان حيا حين كتب القاضي ، وليس في الكتاب ما يميز أحدهما عن الآخر أرأيت لو ادعى هذه الدعوى على ورثة الميت واحتج ورثة الميت بالحي أكان يتمكن القاضي من القضاء على ورثة الميت بشيء ، وليس في الكتاب ما يميز مورثهم من الآخر إلا أن يكون في الكتاب فلان بن فلان لفلان ، وقد مات فيعلم بذلك أن المشهود عليه الميت منهما دون الحي ، وإن كان نسبه في ذلك الكتاب إلى أبيه وإلى بكر بن وائل ، أو إلى تميم أو همدان لم أجزه حتى ينسبه إلى فخذه التي هو منها أدناها إليه بعد أن يقول قبيلته عليها العرافة ; لأن المقصود التعريف ، وذلك لا يحصل إلا بنسبته إلى أدنى الأفخاذ أرأيت لو قالوا فلان بن فلان العربي أو نسبوه إلى آدم صلى الله عليه وسلم أكان يحصل التعريف بذلك

( قال ) إلا أن يكون رجلا مشهورا أشهر من القبيلة فيقبل ذلك إذا نسبه إلى تلك الشهرة فالتمييز بينه وبين غيره يحصل بالشهرة فيقوم ذلك مقام ذكر الاسم والنسب .

التالي السابق


الخدمات العلمية