صفحة جزء
. قال : وإذا تزوج المجوسي أمه أو ابنته أو أخته فولدت له ولدا فهو ابنه ادعاه أو نفاه ; لأن هذه الأنكحة فيما بينهم لها حكم الصحة عند أبي حنيفة رحمه الله ; ولهذا لا يسقط به الإحصان عنده وعندهما هو فاسد ، والنكاح الفاسد والصحيح يثبت النسب بهما [ ص: 134 ] ثم لا ينتفي إلا باللعان ، ولا لعان بينهما ; لأن الكافرة غير محصنة . وكذلك العبد يتزوج الأمة أو المسلم يتزوج المجوسية فإن النسب يثبت لهذا النكاح مع فساده ; لأن مجرد الشبهة يكفي لإثبات النسب ، ثم لا ينتفي إلا باللعان ، ولا لعان بينهما هنا .

قال : وإذا أسلم الزوجان الكافران ، وأعتق المملوكة ، ثم جاءت بولد فنفاه الزوج يلاعنها ; لأنه قذفها وهي محصنة وهما من أهل الشهادة في الحال فيجري اللعان بينهما فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ عتقا أو أسلما لزم الولد أباه ; لأنا تيقنا بحصول العلوق في حال لم يكونا من أهل اللعان فيلزمه النسب على وجه لا ينتفي بالنفي ، ثم لا يتغير ذلك بصيرورتهما من أهل اللعان ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لزم الولد أمه ; لتوهم أن العلوق حصل بعد صيرورتها من أهل اللعان ; فإن .

( قيل ) فكذلك يتوهم حصول العلوق قبل العتق والإسلام ; لأن الولد قد يبقى في البطن إلى سنتين ( قلنا ) : نعم ، ولكن قطع النسب باللعان في موضع الاشتباه ، والاشتباه يمنع قطع النسب ; وهذا لأن سبب قطع النسب هو اللعان ، وقد تحقق فما لم يظهر المانع ، وجب العمل به ; ولأن الحل قائم بينهما ومتى كان الحل قائما يستند العلوق إلى أقرب الأوقات ، وإن كان للمسلم امرأة كتابية فولدت فنفاه فهو ابنه ، ولا حد عليه ، ولا لعان ; لأنها غير محصنة ونسب الولد قد يثبت بالنكاح فلا ينقطع بدون اللعان .

قال : وإن أسلمت المرأة ، والزوج كافر ، ثم نفى ولده فعليه الحد ; لأنها محصنة ، وقد قذفها بالزنا ، ولا لعان بينهما ; لأنه ليس من أهل الشهادة فمتى تعذر جريان اللعان بينهما من جهة الزوج يلزم الحد ، ولا يقطع النسب عنه لتقرر سببه ، وهو العلوق ، وإن أسلما جميعا ، ثم طلقها ، ثم تزوجها ، ثم جاءت بولد فنفاه .

فنقول هذه المسألة تشتمل على فصلين : أحدهما : حكم إثبات النسب ، والآخر : حكم النفي أما حكم إثبات النسب فهو على ثلاثة أوجه : إن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا ثبت النسب منه بحصول العلوق في النكاح الثاني ، وإن نفاه لاعنها ولزم الولد أمه لكونهما من أهل اللعان عند العلوق ، وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا أو لأقل من سنتين منذ فارقها ثبت النسب منه لتوهم أن العلوق كان قبل الطلاق ; فإن نفاه لاعنها ، ولزم الولد أباه ; لأن حصول البينونة بعد العلوق يمنع قطع النسب باللعان ، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها أخيرا ; ولسنتين فصاعدا منذ طلقها لم يثبت النسب منه ; لأن حصول العلوق كان بعد الطلاق قبل النكاح الثاني ويصح النكاح الثاني عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا لأبي يوسف .

رحمه الله وهي [ ص: 135 ] فرع مسألة الجامع الصغير أن الحبل من الزنا لا يمنع من النكاح عندهما ، ويمنع عند أبي يوسف رحمه الله ، وكذلك أم الولد إذا أعتقها مولاها ، ثم تزوجها قبل الإقرار بانقضاء العدة فهو على الأوجه الثلاثة كما بيناه

التالي السابق


الخدمات العلمية