صفحة جزء
قال حرة لها ولد وهما في يد رجل فأقام آخر البينة أنه تزوجها فولدت منه هذا الغلام ، وأقام ذو اليد البينة على مثل ذلك والغلام يدعي أن ذا اليد أبوه فإني أقضي ببينة ذي اليد أنه يترجح باعتبار يده في دعوى النكاح عليها ، وفي دعوى النسب يدعي الغلام ; لأنه ابنه ; لأنه في يد نفسه فإنما أثبت حق نفسه بتلك البينة ، وكذلك لو كان ذو اليد ذميا ، وشهوده مسلمون لما بينا أن ما أقام من البينة حجة على الخصم المسلم ، ولو أقام [ ص: 170 ] البينة أنه تزوجها في وقت ، وأقام ذو اليد البينة على وقت دونه فإني أقضي بها للمدعي ; لأن تاريخه أسبق ، وقد أثبت نكاحه في ، وقت لا ينازعه الآخر فإنما أثبت الآخر بعد ذلك نكاح المنكوحة ، وهو باطل .

ولو أقام ذو اليد البينة أنها امرأته تزوجها فولدت هذا الولد على فراشه ، وأقام الخارج البينة أنها أمته ولدت هذا الغلام على فراشه منه فإني أقضي به للزوج ، وأثبت نسبه منه لما بينا أن فراش النكاح يترجح على فراش الملك في حكم النسب .

( ألا ترى ) أن الحر أثبت ببينته ملك نفسه في المرأة ، وليس بمقابلته ما يوجب حريتها من الحجة فيقضي بالأمة ملكا للمدعي فيكون الولد حرا بالقيمة إن شهد شهود الزوج أنها عرية من نفسها ، وإن لم يشهدوا بذلك جعلت الأمة ، وابنها مملوكين للمدعي ; لأن الولد يتبع الأم في الملك والموجب لحرية الولد الغرور فإذا لم يثبت الغرور كان مملوكا للمدعي ثابت النسب من الزوج ; لأن المدعي أقر أنه ابنه فيعتق عليه بإقراره فتكون أمه بمنزلة أم الولد ، ولا يقال عند إثبات الغرور ينبغي أن لا يغرم الزوج قيمة الولد عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه بمنزلة ولد أم الولد ، وإنما عتق بإقرار المدعي بحريته فإن هذا يكون بعد ثبوت الرق فيه ، ولم يثبت فإن ولد المغرور يكون حرا من الأصل فلهذا كان على الزوج قيمة الولد لمولاها .

التالي السابق


الخدمات العلمية