صفحة جزء
وإذا أقر المريض بألف درهم بعينها أنها لقطة عنده ليس له مال غيرها فإنه يصدق بثلثها فيتصدق بالثلث في قول أبي يوسف رحمه الله ، وقال محمد رحمه الله إن لم تصدقه الورثة فهي ميراث كلها لا يتصدق بشيء منها .

وجه قوله أنه أقر بالملك فيها لمجهول والإقرار للمجهول باطل كما لو أقر لواحد من الناس بعين أو دين ، وإذا بطل الإقرار صار كأن لم يوجد تم إقراره بأنها لقطة لا يتضمن الأمر بالتصدق بها ; لأن التصدق باللقطة ليس بلازم وللملتقط أن يمسكها ولا يتصدق بها ، وإن طالت المدة ، وإنما يرخص له في التصدق بها أن بينا حفظا على المالك ; لأنه لما تعذر عليه اتصال عينها إليه يوصل ثوابها إليه بالتصدق بها ، وليس ذلك بمستحق عليه شرعا [ ص: 30 ]

( ألا ترى ) أنه لو حضر المالك بعد ما تصدق بها كان له أن يضمنه فيثبت أن إقراره باللقطة لا يتضمن الأمر بالتصدق بها لا محالة فلهذا لا يجب على الورثة التصدق بشيء منها ولأبي يوسف رحمه الله أنه أقر أن ملكه عن هذا المال مستحق ، والإرث عنه منتف لقربة تعلقت به حقا للشرع فوجب تقييد تلك القربة عند إقراره من ثلث ماله كما لو أقر بمال في يده أنه صدقة للمساكين بزكاة واجبة عليه أو عشر أو نذر وجب تقيده من الثلث

وإنما قلنا ذلك ; لأن السبيل في اللقطة التصدق بها عند تعذر اتصالها إلى مالكها ، وهكذا نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه تصدق بمال في يده لغائب ، ثم قال هكذا يصنع باللقطة ولاية في التصدق بها في الملتقط ; لأنه يخرج به عما لزمه عن عهدة الحفظ وإقرار المريض معمول به فيما يرجع إلى حاجة خروجه عما لزمه من العهدة ولا طريق له إلى ذلك إلا بالتصدق بها فصار إقراره كالأمر للورثة أن يتصدقوا به دلالة وما يثبت بدلالة النص فهو كالمنصوص عليه فعليهم أو يتصدقوا به من ثلثه يقرره أنهم لو صدقوه في ذلك كان عليهم أن يتصدقوا بها ، وفي مقدار الثلث المريض مستغن عن تصديق الورثة فيما هو موجب تصرفه ، فإذا كان عند تصديقهم يجب التصدق به بحكم ذلك الإقرار فكذلك عند عدم تصديقهم يجب التصديق من ثلث ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية