صفحة جزء
وإذا قدم الوكيل كتابه سأله القاضي البينة على الكتاب والخاتم وما فيه ; لأنه يوهم أن هذا كتاب القاضي إليه وهو لا يعرف حقيقة ذلك ، وما غاب عن القاضي علمه فطريق إثباته عنده شهادة شاهدين .

وعلم الشاهدين بما في الكتاب شرط عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله - خلافا لأبي يوسف - رحمه الله - وهي مسألة أدب القاضي ، فإن شهدوا بذلك فزكوا ، سأل الوكيل البينة أنه فلان بن فلان بعينه ، وهذا إذا كان المكتوب إليه لا يعرف الوكيل باسمه ونسبه ، فإذا كان يعرفه فلا حاجة إلى إقامة البينة عليه ، وإن كان لا يعرفه يقول للوكيل : " قد علمت بهذا الكتاب أن الوكيل فلان بن فلان ولكن لا أدرى أنك ذلك الرجل أم لا " فيحتاج إلى إقامة البينة على اسمه ونسبه ، لهذا فإذا أقام البينة وزكوا ، ادعى بحجة صاحبه في الدار ; لأنه قائم مقام الموكل ، ولو حضر الموكل بنفسه طالبه بالحجة على ما يدعي من الحق في الدار ، فكذلك إذا حضر وكيله ، وإن سأل القاضي الوكيل البينة أن فلان بن فلان بعينه قبل أن يسأله البينة على الكتاب فذلك صواب وأحسن ; لأنه لا بد في إقامة البينة على الكتاب والخاتم من مدعيه ، والمدعي من ذكر له أنه وكيل وأنا عرفت عنده بالاسم والنسب ، فيقيم البينة أولا على اسمه ونسبه حتى إذا ثبت أنه فلان بن فلان سمع دعواه في كتاب القاضي وختمه ، فهذا الترتيب أحسن ، والأول جائز أيضا ; لأنه ليس في أحدهما بدون صاحبه إلزام شيء على الخصم فبأيهما كانت البداءة جاز .

التالي السابق


الخدمات العلمية