صفحة جزء
ولو قال : بعه بعبد إلى أجل ، فباعه بدراهم حالة ، في القياس : لا يجوز وهو قول محمد - رحمه الله - ولم يذكر قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقيل على قولهما ينبغي أن يجوز ; لأنه مأمور بالعقد الفاسد ، وقد أتى بالعقد الصحيح ، والأصح : أنه لا يجوز هنا ; لأنه سمى جنسا خلاف ما أمره به الآمر ، وعند اختلاف الجنس في المسمى يكون مخالفا ، وإن كان ذلك أنفع للآمر ، كالتوكيل بالبيع بألف درهم إذا باعه بألف دينار ، لا ينفذ على الآمر .

ولو قال بعه بألف نسيئة ، فباعه بألف أو أكثر من ألف بالنقد ، فهو جائز ; لأنه حصل مقصود الآمر ، وزاده خيرا بزيادة في قدر المسمى ، أو في صفة الحلول ، وإن باعه بأقل من ألف بالنقد ; لم يجز ; لأنه خالف مقصوده ، وما سمى له ، فإنه أمره بأن يدخل في [ ص: 57 ] ملكه بمقابلة العبد ألفا ، وقد أدخل في ملكه دون ذلك ، وإن باعه بألفين نسيئة ; جاز ; لأنه خالف إلى خير بزيادة الثمن ، وإن باعه بألفين نسيئة شهرين ، والموكل إنما أمره بألف نسيئة شهرا - لم يجز أيضا ; لأنه خالف ما سمى له في مدة الأجل إلى ما هو أضر عليه ، والحاصل أن مقابلة زيادة القدر بالنقصان المتمكن بزيادة الأجل ، إنما يكون بطريق المقايسة ، وليس للوكيل ذلك ، بل عليه مراعاة ما سمى له الآمر ، فإذا خالف إلى ما هو أضر عليه ; لم ينفذ تصرفه عليه ، ولو دفع إليه منطقة فيها مائة درهم فضة ، فقال : بعها بخمسين ، فباعها بمائة درهم وعشرة دراهم نقدا - فهو جائز في قول أبي حنيفة - رحمه الله - وأبي يوسف - رحمه الله - ; لأنه زاده خيرا من كل وجه ، وفي قول محمد - رحمه الله - : لا يجوز ; لأنه أمره بالعقد الفاسد ، وقد أتى بالعقد الصحيح ، وكذلك لو قال : بعها بخمسين درهما نسيئة ، فباعها بخمسين نقدا فهو على الخلاف الذي ذكرنا ، وإن دفع إليه جراب هروي فقال : بعه نسيئة أو نقدا ، فما باعه من شيء من دراهم ، أو دنانير ، أو شيء مما يكال ، أو يوزن - فهو جائز ، أما عند أبي حنيفة - رحمه الله - فلا يشكل ، وأما عندهما ; فلأنه وسع الآمر عليه بقوله : بعه نسيئة ، أو نقدا ، فينصرف إلى كل ما يثبت دينا في الذمة ثبوتا صحيحا ، وإن باعه بيعا فاسدا ودفعه إليه ; لم يكن مخالفا لما بينا ، ولو قال : بعه نسيئة فباعه إلى الحصاد ، والدياس ، أو إلى العطاء ، أو إلى النيروز - فالبيع فاسد بجهالة هذه الآجال عند المتعاقدين .

كما لو باعه الموكل بنفسه ، إلا أن يقول المشتري : أنا أعجل المال ، وأدع الأجل ، فحينئذ يجوز حذف الشرط المفسد قبل تقرره وهي زفرية معروفة في البيوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية