صفحة جزء
باب الكفالة بالنفس فإن لم يواف به فعليه المال

( قال رحمه الله ) : وإذا كان لرجل على رجل مال فكفل رجل بنفس المطلوب فإن لم يواف به إلى وقت كذا فعليه ماله عليه ، وهو كذا . فمضى الأجل قبل أن يوافيه به ; فالمال لازم له عندنا استحسانا وكان ابن أبي ليلى رحمه الله يقول لا يلزمه المال ، وهو القياس ; لأنه علق التزام المال بالخطر . وتعلق التزام المال بالخطر باطل ، كالإقرار لأنه إنما يعلق بالأخطار ما يجوز أن يحلف به ولهذا لا يجوز تعليق الكفالة بسائر الشروط فكذلك بخطر عدم الموافاة وللاستحسان [ ص: 177 ] وجهان : أحدهما أنه يحمل على التقديم والتأخير ، فيجعل كأنه كفل بالمال في الحال ثم علق البراءة على الكفالة بالموافاة بنفسه والموافاة تصلح سببا للبراءة عما التزمه بالكفالة .

والتقديم والتأخير في الكلام صحيح . فإذا أمكن في هذا الوجه تصحيح كلامه حمل عليه وللتحرز عن الغاية . والثاني : أن هذا متعارف فيما بين الناس ; فإن رغبة الناس في الكفالة بالنفس أكثر منه بالكفالة بالمال ، فللطالب أن يرضى بأن يكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به يكون كفيلا بالمال حينئذ . وفيه يحصل مقصوده فإنه يجد في طلبه ليسلمه إلى خصمه ، فيتمكن من استيفاء الحق منه وإن لم يفعل يصير كفيلا بالمال فقد بينا أن سبب كفالته بالنفس هو المال الذي ادعاه قبله ، ويكون للحقين اتصال من هذا الوجه فإذا عين الكفالة بأحدهما وأخر الكفالة الثانية إلى وقت عدم الموافاة ; كان صحيحا وإذا لم يواف بنفسه حتى لزمه المال ; لا يبرأ من الكفالة بالنفس ; لأنه لا منافاة بين الكفالتين .

( ألا ترى ) أنه لو كفل بهما معا كان صحيحا . وبعد ما صحت الكفالة بالنفس لا يستفيد البراءة عنها إلا بالموافاة بالنفس ولم يوجد ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية