صفحة جزء
ولو كان لرجلين لكل واحد منهما على رجل مال فقال رجل لأحدهما : كفلت بنفس غريمك فلان فإن لم أوافك به غدا فما لفلان على فلان فهو علي ; جازت الكفالة بالنفس ; لأنه كفل بها لمعلوم مطلقا وبطلت الكفالة بالمال ; لأنها مخاطرة فإن الحق ليس للمكفول له بالنفس وما كان صحة الكفالة بالنفس باعتبار هذا المال لتثبت الكفالة بها [ ص: 129 ] تبعا للكفالة بالنفس فيكون هذا تعليق التزام المال بمحض الشرط وهو باطل كما لو علقه بدخول الدار ، وكذلك الرجل يقول للرجل كفلت لك بنفس فلان فإن لم أوافك به غدا فأنا كفيل بنفس فلان لإنسان آخر فالكفالة الثانية باطلة ; لأنها ليست من توابع الكفالة الأولى فيكون تعليقا لالتزام التسليم بمحض الشرط ولو كانت الكفالة عن واحد فقال : كفلت لك بنفس فلان فإن لم أوافك به غدا فما لفلان عليه وهو ألف علي ; فرضي بذلك الآخر فالكفالة الأولى جائزة والنيابة باطلة ; لأن صحة الكفالة بالنفس ما كانت باعتبار هذا المال فلا يمكن تصحيح الكفالة بالمال تبعا للكفالة بالنفس .

ولو قال كفلت لك بنفس فلان أو فلان بماله عليه أو بنفسه فهذا باطل كله لجهالة المكفول له ولو قال : كفلت لك بأحد غريميك هذين أو بأحد ماليك على هذين كان جائزا ; لأنه المكفول له والمطالبة تتوجه من جهته والخيار في تعيين ما التزمه الكفيل إليه . وإذا كفل عن رجل بمال بأمره فرهنه المكفول عنه رهنا به وفاء فهو جائز ; لأن بنفس الكفالة كما وجب المال للطالب على الكفيل ; وجب للكفيل على الأصيل ، وإن كان مؤجلا والرهن بالدين المؤجل صحيح فإن هلك الرهن عند الكفيل صار مستوفيا دينه بهلاك الرهن فكأنه استوفى حقيقة حتى إذا أدى الكفيل المال لم يرجع به ، وإن أداه الأصيل إلى الطالب رجع على الكفيل بمثله بمنزلة ما لو استوفاه منه حقيقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية