صفحة جزء
قال ( رحمه الله ) : وإذا ادعى المرتهن الرهن ، وقد قبضه ، وأنكره الراهن ; فأقام شاهدين فشهد أحدهما أنه رهنه بمائة ، والآخر أنه رهنه بمائتين ، فشهادتهما باطلة عند أبي حنيفة لاختلاف الشاهدين في المشهود به من المال لفظا ومعنى ، فالمائة غير المائتين ، وبدون ثبوت الدين لا يثبت الرهن ، وعندهما يثبت المائة إذا كان المدعي يدعي المائتين ، فتقبل شهادتهما ، ويقضى الرهن بالمائة فإن شهد أحدهما بمائة ، والآخر بمائة وخمسين ، والمرتهن يدعي مائة وخمسين فالرهن بمائة درهم لاتفاق الشاهدين على المائة لفظا ، ومعنى ، والخمسون عطف على المائة في شهادة أحدهما ، ولو ادعى المرتهن مائة بطلت شهادتهما لإكذاب المدعي أحد الشاهدين ، وهذا بخلاف البيع فالثمن هناك يجب بالعقد ، والعقد بمائة غير العقد بمائة وخمسين ، فلا يمكن القاضي من القضاء بواحد من العقدين ، وبدون السبب لا يجب المال ، وهنا الدين كان واجبا قبل عقد الرهن إلا أن يكون ، وجوبه بالرهن ، فاختلاف الشاهدين في مقداره لا يمنع القاضي من القضاء بما اتفق عليه لفظا ومعنى عند أبي حنيفة أو معنى عندهما ، ولو شهد أحدهما بدنانير ، والآخر بدراهم كانت شهادتهما باطلة لاختلافهما في جنس المشهود به من الدين ، فلا بد من أن يدعي أحد المالين ، فيكون مكذبا شاهده الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية