صفحة جزء
ولو اشترى المضارب بألف المضاربة من ولده أو والديه أو مكاتبه أو عبده وعليه دين يساوي ألف درهم فهو جائز على المضاربة .

وإن كان يساوي أقل منه مما يتغابن الناس فيه فهو مشتر لنفسه في قياس قول أبي حنيفة - رحمه الله - وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - : " هو جائز على المضاربة " إلا ما اشترى من عبده أو مكاتبه فإن قولهما في ذلك مثل قول أبي حنيفة - رحمه الله - ، وقد أطلق في الوكيل جواب هذه المسألة في كتاب البيوع ولم يفصل بين الشراء بمثل القيمة وبين الشراء بغبن يسير ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من يقول تقسيمه هنا تقسيم في الوكيل ، والخلاف في الفصلين في الشراء بغبن يسير ، فأما الشراء بمثل القيمة فجائز ; لأن أبا حنيفة - رحمه الله - يعتبر التهمة وذلك إنما يظهر عند الشراء بغبن يسير ، وفي حق الأجنبي ليس بينهما سبب موجب التهمة فيحمل شراؤه بغبن يسير على أنه خفي عليه ذلك ، وفي حق الآباء والأولاد بينهما سبب التهمة فيحمل ذلك على الميل إليه وإيثاره على الموكل كما في الشهادة فأما في الشراء فلا يتمكن معنى التهمة ، ومنهم من قال : بل هذا التقسيم في المضارب فأما الوكيل فلا يملك الشراء من هؤلاء لموكله بمثل القيمة ، والفرق بينهما لأبي حنيفة - رحمه الله - [ ص: 58 ] أن المضارب شريك في الربح فيمنعه ذلك من ترك الاستقصاء والنظر وإن كان يعامل أباه أو ابنه ; لأنه يؤثر نفسه عليهما فلهذا جازت معاملته معهم بمثل القيمة ، فأما الوكيل فعامل للموكل ولا حق له فيما يشتريه ، فالظاهر أنه يترك الاستقصاء في المعاملة مع هؤلاء فلهذا لا ينفذ تصرفه معهم على الموكل ، يوضحه أن المضارب أعم تصرفا من الوكيل وقد يستبد بالتصرف على وجه لا يملك رب المال نهيه وهو بعد ما صار المال عروضا ، وقد يكون نائبا محضا في بعض الأحوال فلشبهه بالمستبد بالتصرف قلنا : يجوز تصرفه مع هؤلاء بمثل القيمة ، ولشبهه بالنائب قلنا : لا يجوز تصرفه معهم بغبن يسير ، فأما الوكيل فنائب محض وهو نائب في تصرف خاص فيكون متهما في تصرفه مع هؤلاء في حق الموكل وإن كان بمثل القيمة

التالي السابق


الخدمات العلمية