صفحة جزء
ولو كان اشترى عبدا يساوي ألفين فقال المضارب : هو ابني ، وقال رب المال كذبت ثبت نسبه من المضارب ; لأنه مالك له بعد مقدار حصته من الربح ، وذلك يكفي لصحة دعواه النسب فيه ، ثم هذه دعوى تحرير ; لأن أصل العلوق به ما كان في ملكه فيكون بمنزلة الإعتاق .

ولو أعتقه المضارب عتق نصيبه ، ورب المال في نصيبه بالخيار - إن كان المضارب موسرا - : بين الإعتاق ، والاستسعاء ، والتضمين ، وإن كان معسرا فله الخيار : بين الإعتاق ، والاستسعاء ، والولاء بينهما أرباعا ; لأن ثلاثة أرباعه عتقت على رب المال حين أعتقه ، أو استسعاه ، وربعه عتق من جهة المضارب .

ولو كان رب المال صدقه في ذلك عتق على المضارب ، ويضمن المضارب رأس المال ; لأنهما تصادقا على أن المضارب اشتراه لنفسه وإن لم يصدقه ، ولكنه ادعى ثبوته بعد ذلك فهو ابن المضارب يعتق عليه ، ويضمن رأس المال ; لأنهما تصادقا على أن المضارب اشتراه لنفسه ، فإنه إن كان ابن رب المال كما زعم ; فقد اشتراه المضارب لنفسه .

وإن كان ابن المضارب فكذلك ، وإذا كان مشتريا لنفسه ترجحت دعواه بالسبق ، وبالملك فيعتق عليه ، ويضمن رب المال .

ولو كان اشترى عبدا يساوي ألفا ، فقال المضارب : هو ابني وكذبه رب المال لم يثبت نسبه ، وهو على حاله في المضاربة ; لأنه مشتر له على المضاربة بمنزلة ابنه المعروف ، ولا ملك له فيه لتصح دعواه باعتباره مع تكذيب رب المال ; فلهذا لم يثبت نسبه منه ، فإن صارت قيمته ألفين عتق ربعه ، وثبت نسبه من المضارب ; لأن بظهور الفضل صار هو مالكا لربعه ، وهو كالمجدد لدعوى النسب ; لأن النسب لا يحتمل الفسخ بعد ثبوته ، فيثبت نسبه منه ، ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته لرب المال ، ولا ضمان على المضارب فيه ; لأن العتق حصل حكما بظهور الفضل في قيمته من غير صنع للمضارب فيه .

ولو كان صدقه رب المال وقيمته ألف ثبت نسبه منه وهو على المضاربة ; لأنه [ ص: 167 ] مملوك لرب المال ، وقد أقر بنسبه للمضارب ; فيثبت نسبه منه وهو على المضاربة بمنزلة ابنه المعروف ، فإن صارت قيمته ألفين عتق ربعه ; لأن المضارب صار مالكا ربعه ، وهو ثابت النسب منه ، ويسعى في ثلاثة أرباع قيمته لرب المال .

ولو زادت قيمته حتى صارت ألفين قبل دعوى المضارب ، ثم ادعى أنه ابنه وكذبه رب المال ثبت نسبه منه ; لأنه مالك لربعه حين ادعى نسبه ، ويكون هذا بمنزلة إعتاق ربعه ، فيخير رب المال : بين أن يضمن المضارب ثلاثة أرباع قيمته ، وبين الاستسعاء ، والإعتاق إن كان موسرا ، وإذا ضمن المضارب لم يرجع المضارب بها على الغلام ; لأنه ملك بالضمان ثلاثة أرباعه فعتق عليه لثبوت نسبه منه ، وإذا اختار الاستسعاء أو الإعتاق ; فلرب المال ثلاثة أرباع ولائه ; لأن ثلاثة أرباعه عتقت من قبله .

ولو كان رب المال صدقه ; فلا ضمان له على المضارب ، وله أن يستسعى الغلام ، أو يعتقه ; لأنهما تصادقا على أنه عتق على المضارب ربعه حكما عند ظهور الفضل فيه ، فهو بمنزلة ابن معروف له .

ولو لم تزد قيمته على ألف فقال المضارب : هو ابني ، وقال رب المال كذبت ، ولكنه ابني فهو ابن رب المال حر من ماله ; لأنه في الظاهر مشترى على المضاربة وهو مملوك لرب المال كله فتصح دعواه لمصادفته ملكه ، ويعتق من ماله ، ولا ضمان على المضارب فيه ; لأن رب المال يدعي عليه أنه ضامن رأس ماله ، ومشتري الابن لنفسه ، ولا يصدق في ذلك إلا بحجة ، وإن لم يدعه واحد منهما حتى صارت قيمته ألفين ، فقال المضارب : هو ابني ، وقال رب المال : كذبت ولكنه ابني فهو ابن المضارب ; لأنه حين ادعى نسبه كان مالكا لربعه فثبت نسبه منه ثم رب المال ادعى نسبه منه ، بعد ذلك ، وهو ثابت النسب فلا يثبت نسبه منه ، وقد عتق منهما جميعا ، والولاء بينهما أرباعا ، ولا ضمان على واحد منهما لصاحبه ; لأن رب المال يدعي أنه لا سعاية له على العبد ، وأنه حر كله بإقرار المضارب ، وأن حقه في تضمين المضارب رأس ماله ، وهو غير مصدق في التضمين إلا بحجة ، ولكن كل واحد منهما يصير كالمعتق بحصته منه ، أما المضارب فلا إشكال فيه ، ورب المال بدعواه النسب يصير كالمعتق لنصيبه ; لأن من ادعى نسب مملوكه وهو معروف النسب من الغير يكون ذلك بمنزلة الإعتاق منه ; فلهذا كان الولاء بينهما أرباعا .

ولو كان العبد يساوي ألفين يوم اشتراه ، ونقد ثمنه ، فقال رب المال : هو ابني وكذبه المضارب ثبت نسبه من رب المال ، وعتق ثلاثة أرباع العبد بدعواه إياه ، والمضارب بالخيار في الربع كما وصفنا في رب المال ; لأن رب المال صار بمنزلة المعتق له ، فإن دعوى التحرير كالإعتاق ولو لم يكذبه المضارب ، ولكن صدقه فالغلام ابن لرب المال وعبد للمضارب ، [ ص: 168 ] ويضمن المضارب رأس مال رب المال ; لأنهما تصادقا على أن المضارب اشتراه لنفسه فيكون عبدا له ، ولكن نقد ثمنه من مال المضاربة ، فيصير ضامنا لرب المال ولو لم يصدقه المضارب ، ولكنه قال : كذبت بل هو ابني ، فهو ابن المضارب حر من ماله ; لأنهما تصادقا أن المضارب اشتراه لنفسه ، وقد ادعى نسبه فهو حر من ماله ، ويضمن رأس المال لرب المال .

ولو كان يساوي ألفا فقال رب المال : هو ابني ، وكذبه المضارب فهو ابنه حر من ماله ; لأنه مالك لجميعه في الظاهر ، وقد أقر بنسبه ، ولو صدقه المضارب ، كان ابن رب المال وهو عبد للمضارب ; لأنهما تصادقا أن المضارب اشتراه لنفسه ، وقد أقر بنسبه لرب المال فثبت نسبه منه ، ويكون عبدا للمضارب ، وهو ضامن رأس المال لرب المال ولو لم يصدقه المضارب ، ولكنه قال كذبت ولكنه ابني فهو ابن رب المال حر من قبله ; لأنه هو المالك له في الظاهر ، وقد ادعى نسبه فيثبت نسبه منه ، ويعتق عليه ، ولا ضمان على واحد لصاحبه ; لأن المضارب ما كان يملك منه شيئا ، فلا يضمن رب المال له شيئا من قيمته .

ولو لم يقولا ذلك حتى صارت قيمته ألفي درهم فقال رب المال : هو ابني ، وقال المضارب كذبت ثبت نسبه منه ، وعتق ثلاثة أرباعه لإقراره بنسبه ، والمضارب بالخيار في الربع ; لأنه مالك حصته من الربح ، ورب المال صار كالمعتق فيتخير المضارب في نصيبه كما بينا .

ولو صدقه المضارب بما قال فهو ابن رب المال ، وهو عبد للمضارب لتصادقهما على أن المضارب اشتراه لنفسه ، ويكون ضامنا لرب المال رأس ماله ولو لم يصدقه رب المال ، ولكنه قال : كذبت بل هو ابني فالغلام ابن رب المال ; لأنه سبق بالدعوى فيثبت نسبه منه ، وعتق ثلاثة أرباعه من قبله ، ثم المضارب ادعى نسبه وهو ثابت النسب من رب المال فلا يثبت منه ، ولكنه صار كالمعتق لنصيبه فلا ضمان لواحد منهما على صاحبه ، وكان ولاؤه بينهما أرباعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية